اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيَ مُبَايَعَتَهُ لَمْ يَجُزْ حَطُّهُ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوِلَايَةِ لَهُمَا مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ لِلصَّبِيِّ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ بِالْحَطِّ فَهُمَا فِي ذَلِكَ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ
وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ شِقْصًا فِي دَارٍ فَجَحَدَهُ رَبُّ الدَّارِ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ قَبَضَهَا جَازَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْأَصْلِ وَكَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي وَفِي هَذَا الصُّلْحِ نَظَرٌ لِلْمُوصَى عَلَيْهِ فَهُوَ بِالدَّعْوَى مَا اسْتَوْجَبَ عَلَى الْخَصْمِ إلَّا الْيَمِينَ وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي مَالٍ يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيَسْتَغْنِي بِهِ وَرَثَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ وَكَانَ مَا قَبَضَ مِثْلَ قِيمَةِ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا عَلَى الْكِبَارِ فِي حِصَّتِهِمْ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ وَيَسْتَوِي عِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ عَلَى الْكِبَارِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَهُوَ فِي حَقِّهِمْ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ وَصُلْحُ وَصِيِّ الْأُمِّ وَالْأَخِ عَلَى الصَّبِيِّ مِثْلُ صُلْحِ وَصِيِّ الْأَبِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ الْبَيْعِ فِي تَرِكَةِ الْمُوصِي فَكَذَلِكَ لَهُ وِلَايَةُ الصُّلْحِ فَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ فِيمَا صَارَ لِلصَّغِيرِ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي ذَلِكَ فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ وَلَا يَجُوزُ صُلْحُهُ فِيهِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا وَصِغَارًا فَصُلْحُ الْوَصِيِّ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ بِشَرْطِ النَّظَرِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِيهِ لِلْحِفْظِ عَلَيْهِ
وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَصَالَحَ الْوَصِيُّ مِنْ دَعْوَى لَهُ فِي دَارٍ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَرَثَةِ إذَا كَانُوا صِغَارًا؛ لِأَنَّ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ يَثْبُتُ لِلْوَصِيِّ فِي الْوِلَايَةِ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ
وَإِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ عَلَى الْوَصِيِّ مِيرَاثًا مِنْ صَامِتٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ أَمْتِعَةٍ فَجَحَدَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مَعْلُومٍ جَازَ لِوُجُودِ التَّرَاضِي مِنْهُمَا عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَفْتَدِي مِنْكَ يَمِينِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ فِدَاءٌ لِلْيَمِينِ بِالْمَالِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَفْظِ الْفِدَاءِ وَبَيْنَ لَفْظِ الصُّلْحِ فِيهِ وَإِنْ كَانَا وَارِثَيْنِ ادَّعَيَا ذَلِكَ قَبْلَهُ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى عَرَضٍ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَصِيِّ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ بِالصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ لَمْ يَصِرْ مُقِرًّا لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا فَدَى يَمِينَهُ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِحْلَافِ كَانَ ثَابِتًا لَهُمَا فَأَسْقَطَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ فَصَحَّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ الْآخَرِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِرِضَاهُ فَإِنْ أَبَى فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي الِاسْتِحْلَافِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُشَارِكَ أَخَاهُ فِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute