للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبَضَ فَلَهُ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا بِالصُّلْحِ فَكَأَنَّهُمَا صَالَحَاهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا ادَّعَيَاهُ مُسْتَهْلَكًا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى زَعْمِهِمَا فِي حَقِّهِمَا وَفِي زَعْمِهِمَا أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الْوَصِيِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ إذَا صَالَحَ عَلَى شَيْءٍ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا ادَّعَى مِنْ ذَلِكَ

فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَصَالَحَ الْوَصِيُّ الْكِبَارَ مِنْ دَعْوَاهُمْ وَدَعْوَى الصِّغَارِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا الْكِبَارُ وَأَنْفَقُوا عَلَى الصِّغَارِ حِصَّتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي عَلَى الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْكِبَارِ عَلَى الصِّغَارِ وَلِلصِّغَارِ أَنْ يَرْجِعُوا بِحِصَّتِهِمْ عَلَى الْوَصِيِّ إذَا أَدْرَكُوا وَيَرْجِعَ الْوَصِيُّ عَلَى الْكِبَارِ بِحِصَّةِ الصِّغَارِ مِمَّا أَخَذُوا؛ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَخَذُوا الْمَالَ عِوَضًا عَنْ الْكُلِّ وَقَدْ اسْتَحَقَّ الصِّغَارُ نَصِيبَهُمْ عَلَى الْوَصِيِّ فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْكِبَارِ

وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ عِنْدَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ كَذَا، وَكَذَا دِرْهَمًا فَأَرَادَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَصِيِّ بِحِصَّتِهِمْ كَمَا أَقَرَّ لِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَا أَقَرَّ بِهِ لِهَذَا فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمَوَارِيثِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ وُصُولِ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَصِيِّ فَهُنَا أَيْضًا قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى بَرَاءَتِهِ مَقْبُولٌ سَوَاءٌ ذَكَرَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَصِيبَ الْكِبَارِ إلَيْهِمْ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِهِ وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْكِبَارِ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ لِلصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي تَخْصِيصِ أَحَدِهِمْ بِهِ وَلَكِنْ يُجْعَلُ مَا سِوَى هَذَا مِنْ التَّرِكَةِ كَالنَّاوِي فَتَبْقَى الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ فِي هَذَا

وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ عِنْدَهُ لِلْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِلْمَيِّتِ ابْنَانِ، ثُمَّ صَالَحَ أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ الْوَصِيِّ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ أَقَلَّ مِنْ حِصَّتِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الدَّيْنِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الصُّلْحِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَمَانَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَمُبَادَلَةُ الْخَمْسمِائَةِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَ الْأَلْفِ مَتَاعٌ فَالْعِلَّةُ الْمُفْسِدَةُ هُنَا أَظْهَرُ وَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ مَا اُسْتُهْلِكَ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَهَذَا حَطَّ عَنْهُ بَعْضَ حَقِّهِ وَاسْتَوْفَى الْبَعْضَ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَتَرَكَ رَقِيقًا وَعَقَارًا وَأَمْتِعَةً فَقَبَضَهَا الِابْنُ وَاسْتَهْلَكَهَا أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهَا ثُمَّ صَالَحَتْهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ عَلَى دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ حَالَّةٍ جَازَ ذَلِكَ وَصُلْحُهَا مَعَهُ مِثْلُ صُلْحِ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِي الدَّعَاوَى؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي مِيرَاثًا

<<  <  ج: ص:  >  >>