قِبَلَهُ فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ فَالصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ جَائِزٌ وَمَا يُعْطِيهَا عِوَضُ نَصِيبِهَا إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَهِيَ قَدْ اسْتَوْفَتْ بَعْضَ حَقِّهَا وَأَبْرَأَتْهُ عَمَّا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِحَقِّهَا فَالصُّلْحُ مَعَ الْإِنْكَارِ صَحِيحٌ بِطَرِيقِ الْفِدَاءِ لِلْيَمِينِ وَقَدْ بَيَّنَّا وُجُوهَ صُلْحِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ الْبَعْضِ وَاسْتَوْفَيْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ وَقَالَ: فَإِنْ كَانَ فِي الْمِيرَاثِ عَيْنٌ وَدَيْنٌ فَصَالَحَ الِابْنُ الْمَرْأَةَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا خَلَا الْمَالِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا جُعِلَ مُسْتَثْنًى لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدُ الصُّلْحِ فَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي التَّرِكَةِ أَصْلًا فَكَمَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مِنْ جَمِيعِ الْمُدَّعِي يَجُوزُ مِنْ بَعْضِهِ فَيَصِحُّ وَهِيَ إنَّمَا صَالَحَتْهُ عَنْ نَصِيبِهَا مِنْ الْعَرُوضِ وَالْعَقَارِ خَاصَّةً وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَتَبَ فِي كِتَابِ الْبَرَاءَةِ إنِّي دَفَعْتُ إلَيْكِ جَمِيعَ حِصَّتِكِ مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا أَقَرَّتْ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَتَبَ إنِّي عَجَّلْتُ لَكِ مِيرَاثَكِ مِنْ كُلِّ مَالٍ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ شَرَطْتِيهِ عَلَيَّ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا عَلَى نَفْسِهَا حُجَّةٌ شَرْعًا وَمَا أَقَرَّتْ بِهِ كَالْمُعَايَنِ فِي حَقِّهَا فَيَبْرَأُ الْغَرِيمُ مِنْ حِصَّتِهَا مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِقَضَاءِ ذَلِكَ الْوَارِثِ الْآخَرِ كَتَبَرُّعِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ وَمُطْلَقُ هَذَا التَّبَرُّعِ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْغَرِيمِ عَنْهُ
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لِرَجُلٍ وَتَرَكَ وَرَثَةً وَفِيهِمْ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فَطَلَبَ الْمُوصَى لَهُ مُوصِيهِ فَصَالَحَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ خَاصَّةً دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لَيْسَ فِيهِ مَالُ غَائِبٍ وَلَا عَيْنٌ حَاضِرَةٌ يَكُونُ ثُلُثُهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنِّي أُجِيزُ الصُّلْحَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُعَيَّنُ فِي يَدِ الْمُصَالِحِ أَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ رَقِيقًا أَوْ عَقَارًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ فَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَهُ كَصُلْحِ أَحَدِ الْوَارِثَيْنِ مَعَ الْآخَرِ وَفِي نَظِيرِ هَذَا صُلْحُ أَحَدِ الْوَارِثَيْنِ مَعَ الْآخَرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ لَهُ صَحِيحًا فَكَذَلِكَ صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمِيرَاثِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ ذَلِكَ الدَّيْنِ صَارَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَهُوَ يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْ الْوَارِثِ يَأْخُذُ مِنْهُ عِوَضَهُ وَتَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِعِوَضٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنُ ثُلُثِهِ مِثْلَ مَا أَعْطَى أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ مُرَادُهُ بِالْعَيْنِ النَّقْدُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ ذَلِكَ وَمِقْدَارُ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِثْلُ مَا اسْتَوْفَى أَوْ أَكْثَرَ فَهَذَا الصُّلْحُ يَكُونُ رِبًا وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ فَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُعَيَّنُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ وَكَانَ مَا أَعْطَى الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ جَازَ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْوَارِثُ ذَلِكَ مِنْ الْوَصِيِّ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَإِنْ تَفَرَّقُوا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَارِثُ الْمَالَ الْمُعَيَّنَ مِنْ يَدِ الْوَصِيِّ يَنْقُصُ مِنْ الصُّلْحِ حِصَّةُ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute