الْحِصَّةِ قَدْ صُرِفَ وَيَدُ الْوَصِيِّ يَدُ أَمَانَةٍ فَلَا يَصِيرُ الْوَارِثُ قَابِضًا بِحُكْمِ الصَّرْفِ بِيَدِ الْوَصِيِّ وَإِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَدْ افْتَرَقَا مِنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِ بَدَلِ الصَّرْفِ فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ فِيمَا سِوَاهُ، وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ فِي حُكْمِ الصَّرْفِ وَوُجُوبِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مُتَنَاوِلًا لِجِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ النُّقُودِ أَوْ جِنْسَيْنِ
وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ بِنَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْمُشْتَرَى مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي حِصَّةِ الْعَيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ يَبْطُلُ هَذَا الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ فَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ بِالدَّرَاهِمِ يَكُونُ مَبِيعًا وَإِذَا فَسَدَ فِي الْبَعْضِ فَسَدَ فِي الْكُلِّ
وَإِذَا صَالَحَهُ عَلَى ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ، ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَارِثُ حِصَّةَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ بَطَلَ مِنْ الثِّيَابِ حِصَّةُ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْعَقْدِ فِي مَعْنَى السَّلَمِ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَأَلَّا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي مِلْكِ الْحِصَّةِ وَلَكِنْ هَذَا فَسَادٌ طَارِئٌ فَطَرَيَانُ الْمُفْسِدِ فِي الْبَعْضِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ الْمُقَارَنِ وَقَدْ بَيَّنَّا نَظِيرَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ فِي مَالِ الْوَارِثِ عَلَى أَنْ يُسَلَّمَ الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ مُوصِيهِ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى سِهَامِهِمْ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا بَيَّنَّا؛ لِأَنَّهُ فِي الصُّلْحِ فِي نَصِيبِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ هُوَ مُتَبَرِّعٌ عَنْهُمْ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَذَلِكَ يَصِحُّ مِنْهُمْ كَمَا يَصِحُّ مِنْ الْفُضُولِيِّ فَكَأَنَّهُمْ صَالَحُوهُ جَمِيعًا عَلَى ذَلِكَ وَصُلْحُ الْوَارِثِ الْمُوصَى لَهُ وَصُلْحُ الْوَارِثِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي التَّرِكَةِ شُرَكَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ فَصَالَحَ الْوَارِثَ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْوَارِثُ مِيرَاثَهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَا يَقْبِضُ مِنْهُ مِنْ الْعِوَضِ فَكَمَا يَجُوزُ فِيهِ صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي يَدِهِ يَجُوزُ فِيهِ صُلْحُ الْمُوصَى لَهُ مَعَ الْوَارِثِ أَيْضًا
وَلَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ مَالًا مُعَيَّنًا وَمَتَاعًا وَحُلِيًّا وَفِيهِ جَوْهَرٌ لَا يَخْلُصُ إلَّا بِضَرَرٍ وَالْوَارِثُ رَجُلَانِ كَبِيرَانِ وَصَغِيرٌ لَهُ وَصِيٌّ وَرَجُلٌ مُوصًى لَهُ فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ قَوَّمُوا ذَلِكَ قِيمَةَ عَدْلٍ وَسَمَّوْا لِأَحَدِ الْكَبِيرَيْنِ حُلِيًّا بِعَيْنِهِ وَمَتَاعًا وَمَالًا، وَكَذَلِكَ لِلْآخَرِ وَلِلصَّغِيرِ وَالْمُوصَى لَهُ وَأَنْفَذُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَجَعَلُوهُ لِمُصَالِحِهِمْ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَتَقَابَضُوا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا يَخُصُّ الْحُلِيَّ صَرْفٌ وَتَرْكُ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ يَفْسُدُ فِيهِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فِي حِصَّةِ الْجَوْهَرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِضَرَرٍ وَمِثْلُ هَذَا كَمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ ابْتِدَاءً فَكَذَلِكَ لَا يَبْقَى الْعَقْدُ فِيهِ بَعْدَ مَا فَسَدَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute