للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاسْتِيفَاءِ، وَإِذَا كَانَتْ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ تَظْهَرُ فِي مُوجَبِهِ مِنْ الزَّوَائِدِ الَّتِي تَحْدُثُ بَعْدَهُ، فَكَذَلِكَ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلَّدَ مِنْهُ الْأَصْلُ ثَبَتَ فِيهِ مَا كَانَ فِي الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ كَانَ مَمْلُوكًا لِلرَّاهِنِ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَيَثْبُتُ ذَلِكَ الْمِلْكُ فِي الزِّيَادَةِ لَا مِلْكَ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِمُلْكٍ آخَرَ، وَإِلَى سَبَبٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْكَسْبِ، وَالْغَلَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَوَلَّدٍ مِنْهُ الْأَصْلُ، وَلَا يَثْبُتُ فِي الْكَسْبِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَبِخِلَافِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ فِي الْمَنْفَعَةِ لَا فِي الْعَيْنِ، وَلِهَذَا لَا يَسْرِي إلَى بَدَلِ الْعَيْن فَكَذَلِكَ لَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ.

(تَوْضِيحُهُ): أَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ إذَا كَانَ مَحِلًّا صَالِحًا، وَالْوَلَدُ مُحْدَثٌ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ مَحِلًّا صَالِحًا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ فَيَكُونُ مَالًا مُتَقَوِّمًا فَيَكُونُ مَحِلًّا صَالِحًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَرَدَ أَنَّ هَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ إنْ، وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدًا حُرًّا بِاعْتِبَارِ الْغُرُورِ فَالرَّهْنُ لَا يَسْرِي عَلَى هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَهُ، وَهَذَا هُوَ الْعُذْرُ عَنْ وَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ فَإِنَّ حَقَّ النِّكَاحِ لَا يَسْرِي إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِلْحِلِّ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَهَذَا هُوَ الْعُذْرُ عَنْ وَلَدِ الْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَحِلًّا صَالِحًا لِلْخِدْمَةِ حَتَّى يَنْفَصِلَ، ثُمَّ حَقُّ الْمُوصَى فِي الْمَنْفَعَةِ، وَالْوَلَدُ غَيْرُ مُتَوَلَّدٍ مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ، وَالسِّرَايَةُ إلَى الْوَلَدِ بِاعْتِبَارِ خُرُوجِ الْعَيْنِ مِنْ الثُّلُثِ لَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْعَيْنِ، وَحَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ لَيْسَ بِمُتَأَكَّدٍ فِي الْعَيْنِ فَإِنَّ مَا عَلَيْهِ تَقَرَّرَ بِإِبْطَالِ حَقِّ الْعَيْنِ عَنْ الْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ، وَحَقُّ الزَّكَاةِ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْعَيْنِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ فَعَلَ أَشْيَاءَ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ مَنْ عَلَيْهِ مِلْكُ الْأَدَاءِ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَأَكَّدٍ فِي الْعَيْنِ، وَحَقُّ الْكَفَالَةِ عِنْدَنَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ إذَا كُفِلَتْ أُمُّهُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ بِمَالٍ ثُمَّ وَلَدَتْ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ حُرَّةً فَالْحَقُّ بِالْكَفَالَةِ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا، وَالْوَلَدُ لَا يُتَوَلَّدُ مِنْ الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الضَّمَانِ فِي الْوَلَدِ عِنْدَنَا؛ لِانْعِدَامِ السَّبَبِ الَّذِي يَجْعَلُ الْعَيْنِ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَهَذَا الْقَبْضُ مَقْصُودٌ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ، وَلَدَ الْمُعْتَقِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الْبَيْعِ، وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا إنْ هَلَكَ لِهَذَا الْمَعْنَى.

وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ، وَذَلِكَ لَا يَبْقَى حَقًّا لِلْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّهُ كَمَا أَضَافَ الزِّيَادَةَ إلَيْهِ أَضَافَ الْأَصْلَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهُ مَحْلُوبٌ لِلرَّاهِنِ عَلَى مَعْنَى: أَنَّ اللَّبَنَ يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ، وَأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِيهِ فَإِنْ بَاعَهَا الْعَدْلُ، وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، وَلَا يَعْلَمُ مَكَانَهَا، لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْعَدْلَ قِيمَةَ الْأَمَةِ، وَالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ غَاصِبٌ، وَالزِّيَادَةُ - فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ - تُضَمَّنُ بِالْبَيْعِ، وَالتَّسْلِيمِ، كَالْأَصْلِ لَمْ يَرْجِعْ الْعَدْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>