للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُقَرِّرُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالْقَبْضِ وَبِحُصُولِ الْمَقْصُودِ يَنْتَهِي حُكْمُ الشَّيْءِ، وَيَتَقَرَّرُ مَكَانُ إضَافَةِ الْهِبَةِ إلَى الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَإِضَافَتِهِ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَصِحُّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ

وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَأَقَرَّ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ بِالْبَيْعِ فَقَالَ: بِعْتُهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالدَّيْنُ مِائَةٌ وَأَعْطَيْتُكَهَا وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْتُهُ بِخَمْسِينَ وَأَعْطَيْتُكَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ بِاتِّفَاقِهِمْ جَمِيعًا مَعَ الِاخْتِلَافِ مِنْهُمَا فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ حَقِّهِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ يَبِعْهُ وَقَالَ الْعَدْلُ: بِعْتُهُ بِخَمْسِينَ، وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْحَالِ هَالِكَةٌ، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَنْ الرَّاهِنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءً بِالدَّيْنِ وَقْتَ الْقَبْضِ، وَالْمُرْتَهِنُ مَعَ الْعَدْلِ يَدَّعِيَانِ خُرُوجَ الْعَيْنِ عَنْ الرَّهْنِ، وَالرَّاهِنُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَأَمَّا هُنَا فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى خُرُوجِ الْعَيْنِ عَنْ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمَّا خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَإِنَّمَا يُحَوَّلُ حُكْمُ الرَّهْنِ إلَى الثَّمَنِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي مِقْدَارِهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ حِينَ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةَ الْعَدْلِ، وَالرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ الزِّيَادَةُ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ الْمُرْتَهِنُ، وَالْمُثْبَتُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ الشَّيْئَيْنِ أَوْلَى

وَإِذَا قَالَ الْعَدْلُ: قَدْ بِعْتُهُ بِخَمْسِينَ، وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ الرَّاهِنُ: هَلَكَ فِي يَدِكَ قَبْلَ أَنْ تَبِيعَهُ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الزِّيَادَةَ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الدَّيْنِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -): أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَبُ خُرُوجِ الْعَيْنِ مِنْ الرَّهْنِ، وَهُوَ الْبَيْعُ، وَالْحَاجَةُ إلَى الْبَيِّنَةِ لَهَا فَكَانَتْ مِنْهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ

وَلَوْ وَكَّلَ الْعَدْلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، وَكِيلًا فَبَاعَهُ، وَالْعَدْلُ حَاضِرٌ جَازَ إلَّا عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَصْلُهُ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ غَائِبًا عَنْ ذَلِكَ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ إنَّمَا أَوْصَى أَنْ يَتِمَّ الْعَقْدَ بِرَأْيِ الْعَدْلِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا كَانَ تَمَامُ الْعَقْدِ بِرَأْيِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا، وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ كَانَ هَذَا، وَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ سَوَاءٌ فَإِذَا أَجَازَهُ الْعَدْلُ جَازَ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَقْدِ حَصَلَ بِرَأْيِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ، وَقَّتَ الْعَدْلُ لِلْوَكِيلِ ثَمَنًا فَقَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَبَاعَهُ بِهِ كَانَ جَائِزًا أَمَّا إذَا كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْعَدْلِ فَغَيْرُ مُشْكَلٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآمِرِ قَدْ حَصَلَ حِينَ، وَقَّتَ الْعَدْلُ لِلْوَكِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>