للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ، فَإِنْ دَفَعَهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ بِالدَّفْعِ صَارَ مَمْلُوكًا لِمَوْلَى الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ أَوَّلًا فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ جَنَى عَبْدُهُ عَلَى عَبْدِهِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَفِيهِ نَوْعُ شُبْهَةٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، وَيَبْقَى الرُّبْعُ عَلَى مِلْكِهِ، وَفِي ذَلِكَ الْقَدْرِ يَجْعَلُ جِنَايَةَ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ أَوَّلًا عَلَى مِلْكِ مَوْلَى الْفَاقِئِ فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ وَهْمُ مُحَمَّدٍ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) إلَى أَنَّ الدَّفْعَ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ، فَلِهَذَا قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ شَيْءٌ، وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ إذَا طَالَ التَّفْرِيغُ، وَإِنْ فَدَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَرْشِ الْعَيْنِ قِيلَ لِرَبِّ الْعَبْدِ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ أَوَّلًا: ادْفَعْ مِنْ عَبْدِكَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ، وَثَلَاثَةَ أَثْمَانِ خُمُسِهِ وَنِصْفَ ثُمُنِ خُمُسِهِ أَوْ افْدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ أَرْشِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْفَاقِئَ الْأَوَّلَ طَهُرَ عَنْ الْجِنَايَةِ حِينَ فَدَاهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ قَدْ جَنَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ أَوَّلًا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ جِنَايَتِهِ إلَى أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ، وَخَمْسُونَ وَرُبْعٌ، وَذَلِكَ خُمُسُ الْأَرْشِ، وَنِصْفُ خُمُسِهِ، وَنِصْفُ ثُمُنٍ خُمُسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ خَمْسُمِائَةٍ، فَخَمْسُمِائَةٍ وَنِصْفُ خُمُسِهِ: خَمْسُونَ، وَسِتَّةٌ وَرُبْعُ نِصْفِ ثُمُنِهِ: خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ ثُمُنَ الْمِائَةِ: اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ، فَنِصْفُ ثُمُنُهَا: سِتَّةٌ وَرُبْعٌ، فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ: ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ خُمُسِهِ، وَنِصْفُ ثُمُنِ خُمُسِهِ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ وَعَلَى ذَلِكَ يُسَلِّمُ لِصَاحِبِهِ وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ.

وَإِذَا كَانَ الرُّبْعُ أَمَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ جَنَتْ الْأُمُّ جِنَايَةً فَدُفِعَتْ بَقِيَ الْوَلَدُ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ انْقَسَمَ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ نِصْفَيْنِ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْوَلَدِ عَلَى هَذِهِ الْقِيمَةِ إلَى وَقْتِ الْهَلَاكِ، وَقَدْ بَقِيَ، فَالْأُمُّ لَمَّا دُفِعَتْ بِالْجِنَايَةِ خَلَا مَكَانُهَا فَكَأَنَّهَا مَاتَتْ فَلِهَذَا بَقِيَ الْوَلَدُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ فَقَأَ الْوَلِيُّ عَيْنَيْ الْأُمِّ فَدُفِعَ بِهَا وَأُخِذَتْ الْأُمُّ عَادَتْ إلَى حَالِهَا الْأُولَى رَهْنًا بِأَلْفٍ غَيْرَ أَنَّهُ يَذْهَبُ مِنْ الْأَلْفِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْ بَصَرِهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ حِينَ دَفَعَهَا، فَكَأَنَّهُ مَاتَ وَتَبَيَّنَ بِهِ بُطْلَانُ ذَلِكَ الِانْقِسَامِ، وَالْأُمُّ حِينَ أُخِذَتْ عَادَتْ رَهْنًا، كَمَا كَانَتْ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ إلَّا أَنَّ عَيْنَهَا ذَهَبَتْ فَكَأَنَّهَا ذَهَبَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ فَسَقَطَ حِصَّةُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفِ.

وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ أَمَةً بِأَلْفٍ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَاوِي أَلْفًا فَجَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً فَدُفِعَ بِهَا ثُمَّ فَقَأَتْ الْأُمُّ عَيْنَهُ فَدُفِعَتْ الْأُمُّ فَأُخِذَ الْوَلَدُ مَكَانَهَا فَهَذَا الْوَلَدُ الْأَعْمَى، وَالصَّحِيحُ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْجَانِي حِينَ دُفِعَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بِاعْتِبَارِهِ وَالْتَحَقَ هَذَا بِعَبْدٍ آخَرَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَحِينَ فَقَأَتْ الْأُمُّ عَيْنَهُ فَدَفَعَتْ وَاحِدًا مَكَانَهَا قَامَ مَقَامَهَا وَقَبْلَ جِنَايَتِهَا كَانَتْ هِيَ مَعَ الْوَلَدِ الصَّحِيحِ بِالْأَلْفِ، فَكَذَلِكَ الْمَأْخُوذُ بِهَا مَعَ الصَّحِيحِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَإِنْ مَاتَ الْأَعْمَى ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأُمِّ، وَلَوْ مَاتَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>