للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ الرَّاهِنِ وَلَا عَلَى ابْنِ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِتَرِكَةِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْأَرْشُ هُنَا لَوَجَبَ لَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَمَا لَا تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ فَكَذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عَلَى ابْنِ أَحَدِهِمَا.

وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ وَالدَّيْنُ أَلْفًا فَجَنَى عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ عَلَى مَالِهِ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ مَضْمُونٌ، وَنِصْفَهُ أَمَانَةٌ وَحِينَ كَانَ الْكُلُّ مَضْمُونًا لَمْ تُعْتَبَرْ جِنَايَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَعَلَى مَالِهِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ هُنَا أَوْلَى، وَلَوْ جَنَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي نَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ قِيلَ لِلرَّاهِنِ ادْفَعْهُ، أَوْ افْدِهِ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَغَيْرُ مُشْكِلٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -): فَجِنَايَتُهُ هُنَا مُعْتَبَرَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ): أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَحْبُوسٌ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ أَمَانَةٌ هُنَا وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ، وَجِنَايَةُ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُودِعِ مُعْتَبَرَةٌ

وَلَوْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ كَانَ الْفِدَاءُ فِي هَذَا النِّصْفِ عَلَى الرَّاهِنِ فَإِذَا جَنَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَانَ فِي اعْتِبَارِ جِنَايَتِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ فَلِهَذَا تُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

وَعَنْ زُفَرَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) قَالَ: لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُبْطِلَ الرَّهْنَ ثُمَّ يُطَالِبَ بِمُوجَبِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ، فَيَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِهِ، وَإِذَا أَبْطَلَهُ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ مَضْمُونٌ، وَقَدْ صَارَ مُسْتَحَقًّا، كَفِعْلِهِ عِنْدَ الضَّامِنِ، فَكَيْفَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ النِّصْفُ إلَّا أَنْ يَبْطُلَ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِهَذَا الْوُجُوبِ مَعْنًى ثُمَّ التَّخْرِيجُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ هُوَ الْمَالِكُ لِلْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ فِي جِنَايَةِ عَبْدِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ وَقَبِلَهُ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ صَارَ عَبْدًا لَهُ وَبَطَلَ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الرَّاهِنِ تَلِفَ بِفِعْلِهِ، فَهُوَ أُسْوَةُ الْعَبْدِ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ كَالْهَالِكِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَدَفَعَاهُ بِهِ وَإِنْ فَدَاهُ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ، حِصَّةُ الْأَمَانَةِ وَنِصْفُ الْفِدَاءِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ حِصَّةُ الْمَضْمُونِ فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى نَفْسِهِ دَيْنًا، وَيَسْتَوْفِي مِنْ الرَّاهِنِ حِصَّتَهُ مِنْ الْفِدَاءِ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أُبْقِي الْجِنَايَةَ، فَهُوَ رَهْنٌ، وَعَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْجِنَايَةِ لَحِقَهُ فَإِذَا سَقَطَ حَقُّهُ بَقِيَ مَرْهُونًا عَلَى حَالِهِ.

وَإِذَا أَفْسَدَ مَتَاعًا لِلْمُرْتَهِنِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ فَإِنْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْمَتَاعِ فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَى الرَّاهِنِ فَإِنْ شَاءَ قَضَى عَنْهُ نِصْفَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَجَعَلَ نِصْفَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ نِصْفَ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَرَغَ حِصَّةُ الْأَمَانَةِ مِنْهُ وَحِصَّةُ الْمَضْمُونِ فَارِغَةٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>