بِهَذَا الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ مِثْلِهَا وَيَنْقُلُ الثَّانِي بِنَاءَهُ عَنْ أَرْضِ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ بَاقِيَةٌ عَلَى مَلْكِ صَاحِبِهَا فَعَلَى الثَّانِي أَنْ يُفْرِغَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا لِفَسَادِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ مَا أَجَّرَهَا بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لِمَا بُنِيَ بِهِ هُنَا بِنِصْفِ الْأَرْضِ، أَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَجْعَلَ أَرْضَهُ دَسْكَرَةً بِآلَاتِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ بَعْضَ مَا يَحْصُلُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ وَلَكِنَّهُ صَارَ قَابِضًا مُسْتَهْلِكًا بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَنَى الْبَانِي وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا أَجَّرَ مِنْ الدَّسْكَرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَامِلٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْبِنَاءِ فَيَكُونُ الثَّانِي عَامِلًا لِنَفْسِهِ وَهُنَا أَضَافَ الْبِنَاءَ إلَى نَفْسِهِ حِينَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الْبِنَاءِ وَجَعَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ أُجْرَةً لِلْبَانِي فَلِهَذَا كَانَ الْبِنَاءُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هُنَا.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بَيْتًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ فِيهِ الْبُرَّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَقَبَضَ الْبَيْتَ فَبَاعَ فِيهِ وَأَصَابَ مَالًا فَالْمَالُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبُرِّ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ مُلْكِهِ وَهُوَ فِي الْبَيْعِ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، وَلِرَبِّ الْبَيْتِ أَجْرُ مِثْلِ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَ الْبَيْتَ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْبَيْتِ دَفَعَ إلَيْهِ الْبَيْتَ لِيُؤْجَرَهُ لِيُبَاعَ فِيهِ الْبُرُّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ أَجَّرَ الْبَيْتَ فَالْأَجْرُ لِرَبِّ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ عِوَضُ مَنْفَعَةِ الْبَيْتِ هُنَا وَالْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ فِي إجَارَتِهِ وَلَكِنَّهُ ابْتَغَى عَنْ عَمَلِهِ لَهُ عِوَضًا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ فَيَسْتَوْجِبُ أَجْرَ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ.
وَإِذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْعَبْدَ مُضَارَبَةً وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ رَأْسَ مَالِي قِيمَتُهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ وَيَبِيعَ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ أَخَذْت مِنْهُ رَأْسَ مَالِي قِيمَةَ الْعَلَامِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِيهَا الْعَبْدُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قِيمَةَ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ وَلَا يُمْكِن تَحْصِيلُهَا يَقِينًا لِيَظْهَرَ الرِّبْحُ بَعْدَهَا وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَا بَاعَ وَاشْتَرَى لِرَبِّ الْعَبْدِ، وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدِي هَذَا وَاقْبِضْ ثَمَنَهُ وَاعْمَلْ فِيهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ثَمَنِهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ أَوَّلًا فَكَانَ بَيْعُ الْوَكِيلِ لَهُ كَبَيْعِهِ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ عَقَدَ الْمُضَارَبَةَ عَلَى الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ أَضَافَ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute