للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَصْلَهُ لَمْ يَكُنْ مَالًا شَرْعًا حَتَّى لَمْ يَكُنْ مَحِلًّا لِلزَّكَاةِ فَهُوَ وَمَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مَالًا عَلَى الْحَقِيقَةِ سَوَاءٌ. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ أَصْلَيْنِ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَصْلَهُ مَالٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَمِنْ الْمَهْرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَصْلَهُ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ شَرْعًا فَيُوَفِّرُ حَظَّهُ مِنْهُمَا، وَيُقَالُ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِ ابْتِدَاءً فَيُعْتَبَرُ فِي الْمَقْبُوضِ أَنْ يَكُونَ نِصَابُ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْمِائَتَانِ وَيَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مِلْكَ الْمَالِيَّةِ لَمْ يَثْبُتْ فِي الدَّيْنِ ابْتِدَاءً. وَفِي الْأُجْرَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ جَعَلَهَا كَالْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَدَلٍ عَنْ الْمَالِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ جَعَلَهَا كَبَدَلِ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ أُجْرَةَ دَارِ التِّجَارَةِ أَوْ عَبْدَ التِّجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ ثَمَنِ مَتَاعِ التِّجَارَةِ كُلَّمَا قَبَضَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ اعْتِبَارًا لِبَدَلِ الْمَنْفَعَةِ بِبَدَلِ الْعَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ لَهُ بِمِيرَاثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ جَعَلَهُ كَالدِّينِ الْوَسَطِ، وَقَالَ: إذَا قَبَضَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ يَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الْمُورِثِ، وَقَدْ كَانَ فِي مِلْكِ الْمُورِثِ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ، وَفِي نَوَادِرِ الزَّكَاةِ جَعَلَهُ كَالدِّينِ الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ مَلَكَهُ ابْتِدَاءً وَهُوَ دَيْنٌ فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَقْبِضَ وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ ضَمَانَ قِيمَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَاخْتَارَ تَضْمِينَهُ فَهَذَا وَالدَّيْنُ الْوَاجِبُ بِسَبَبِ بَيْعِهِ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِشَرِيكِهِ فِي نَصِيبِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سِعَايَةً لَزِمَ ذِمَّةَ الْعَبْدِ بِعِتْقِ شَرِيكِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ هُوَ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ لَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ، قِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُ مُكَاتِبٌ، فَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْمُسْتَسْعَى حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَعُذْرُهُمَا أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ هَذَا الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَبْدِ فَكَانَ صِلَةً فِي حَقِّهِ فَلَا يَتِمُّ الْمِلْكُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ

(قَالَ): رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَمَاتَ الْعَبْدُ لَمْ يَضْمَنْ الزَّكَاةَ وَإِنْ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ مَحِلٌّ لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَهُوَ بِتَصَرُّفِهِ حَوَّلَ حَقِّهِمْ مِنْ مَحِلٍّ إلَى مَحَلٍّ فَلَمْ يَكُنْ مُسْتَهْلَكًا وَكَانَ هَلَاكُ الْبَدَلِ فِي يَدِهِ كَهَلَاكِ الْأَصْلِ، فَأَمَّا عَبْدُ الْخِدْمَةِ فَلَيْسَ بِمَحِلٍّ لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ حَتَّى صَارَ هُوَ بِتَصَرُّفِهِ مُفَوِّتًا مَحِلَّ حَقِّهِمْ فَيَصِيرُ ضَامِنًا لِلزَّكَاةِ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ أَوْ بَقِيَ. أَلَا تَرَى أَنَّ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>