للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَوْلُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِالْأَلْفِ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَلَوْ أَبْدَلَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا بَادَلَ بِالدَّنَانِيرِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ حَتَّى لَا يَضُمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرَ فَهُوَ كَالسَّوَائِمِ، وَعِنْدَنَا هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ حَتَّى يَضُمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ يُبَادِلُ بِهَا فِي خِلَالِ الْحَوْلِ

(قَالَ): رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ بِقِيمَةِ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَصْرُوفٌ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ مُعَدٌّ لِلتَّقْلِيبِ وَالتَّصَرُّفِ بِهِ فَكَانَ الدَّيْنُ مَصْرُوفًا إلَيْهِ فَأَمَّا الدَّارُ وَالْخَادِمُ فَمَشْغُولٌ بِحَاجَتِهِ فَلَا يُصْرَفُ الدَّيْنُ إلَيْهِ.

(قَالَ) فِي الْكِتَابِ أَرَأَيْتَ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكُونُ مَوْضِعًا لِلصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْمَالَ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ وَمِلْكُ الدَّارِ وَالْخَادِمِ لَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ أَخْذَ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ حَاجَتَهُ بَلْ يَزِيدُ فِيهَا فَالدَّارُ تُسْتَرَمُّ وَالْعَبْدُ يُسْتَنْفَقُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمَا وَهُوَ فِي مَعْنَى مَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ وَهُوَ صَاحِبُ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، قِيلَ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ: يَكُونُ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ وَالْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ وَكَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْفَقِيهَ إذَا مَلَكَ مِنْ الْكُتُبِ مَا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ

(قَالَ:) وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ التَّاجِرِ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَفِيهِمْ الْمَلِيءُ وَغَيْرُ الْمَلِيءِ وَحَال الْحَوْلُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُقِرًّا مَلِيًّا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَزِمَهُ الْأَدَاءُ إذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَمِنْ كَانَ مِنْهُمْ جَاحِدًا فَلَيْسَ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي تَفْسِيرِ مَالِ الضِّمَارِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُقِرًّا مُفْلِسًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا الزَّكَاةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مَرَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ التَّفْلِيسَ يَتَحَقَّقُ فَيَصِيرُ الْمَالُ تَاوِيًا وَمَرَّ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَحَقَّقُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ فَلَا يَصِيرُ بِهِ الْمَالُ تَاوِيًا وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ التَّفْلِيسُ وَإِنْ كَانَ يَتَحَقَّقُ عِنْدِي وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ إنَّمَا تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ فَهُوَ نَظِيرُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْمُؤَجَّلِ، ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَنَا وَإِنْ فَعَلَ كَانَ فَضْلًا كَمَنْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ قَبْلَ حَوْلَانِ الْحَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>