فِي الْحَرْبِيِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ هَكَذَا، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالسِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونُوا هُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا مِنْ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَنَحْنُ نَأْخُذُ أَيْضًا حِينَئِذٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ كِتَابِ الزَّكَاةِ أَنَّ الْقَلِيلَ عَفْوٌ شَرْعًا وَعُرْفًا فَإِنْ كَانُوا يَظْلِمُونَنَا فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْقَلِيلِ فَنَحْنُ لَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَأْخُذُونَ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ مِنْ التُّجَّارِ لَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى غَدْرِ الْأَمَانِ وَإِذَا كَانَ الْمُرُورُ بِهِ نِصَابًا كَامِلًا أُخِذَ مِنْ الْمُسْلِمِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمِنْ الْحَرْبِيِّ مِثْلُ مَا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا عُشْرًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
(قَالَ:) فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا يُحِيطُ بِمَالِهِ أَوْ إنْ حَوَّلَهُ لَمْ يَتِمَّ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ إذَا حَلَفَ لِإِنْكَارِهِ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا مِثْلَهُ فِي السَّوَائِمِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ لَيْسَ لِي، صَدَّقَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْأَخْذِ لَهُ إذَا حَضَرَهُ الْمَالِكُ وَالْمِلْكُ فَكَمَا أَنَّ حُضُورَ الْمَالِكِ بِدُونِ الْمِلْكِ لَا يُثْبِتُ لَهُ حَقَّ الْأَخْذِ فَكَذَلِكَ حُضُورُ الْمِلْكِ بِدُونِ الْمَالِكِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ دُونَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ لِلْعَاشِرِ أَنْ يَأْخُذَ غَيْرَ الزَّكَاةِ
(قَالَ:) وَيَصَدَّقُ الذِّمِّيُّ أَيْضًا فِيمَا يَصَدَّقُ فِيهِ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا فَأَمَّا الْحَرْبِيِّ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ: لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ فَفِي الْأَخْذُ مِنْهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْمَقَامِ فِي دَارِنَا حَوْلًا، وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ دَيْنٌ فَالدَّيْنُ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُطَالِبُ بِهِ فِي دَارِنَا، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ مَا دَخَلَ دَارَنَا إلَّا لِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَا مَعَهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لِغُلَامٍ فِي يَدِهِ هَذَا وَلَدِي أَوْ لِجَارِيَةٍ فِي يَدِهِ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا يَثْبُتُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَثْبُتُ بِنَاءً عَلَى نَسَبِ الْوَلَدِ فَتَنْعَدِمُ الْمَالِيَّةُ فِيهِمَا بِإِقْرَارِهِ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا.
فَإِنْ قَالَ الْمُسْلِمُ: دَفَعْتُ صَدَقَتَهَا إلَى الْمَسَاكِينِ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ حَلَفَ بِخِلَافِ السَّوَائِمِ؛ لِأَنَّ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ كَانَ الدَّفْعُ إلَى الْمَسَاكِينِ مُفَوَّضًا إلَيْهِ قَبْلَ الْمُرُورِ بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ، وَفِي السَّوَائِمِ كَانَ حَقُّ الْأَخْذِ لِلْإِمَامِ
(قَالَ:) وَلَا يَأْخُذُ الْعَاشِرُ مِمَّا يَمُرُّ بِهِ الْمُكَاتِبُ وَالْيَتِيمُ، وَإِنْ كَانَ وَصِيُّهُ مَعَهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الزَّكَاةَ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كَسْبِ الْمُكَاتِبِ وَلَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ
(قَالَ:) وَإِذَا أَخْبَرَ التَّاجِرُ الْعَاشِرَ أَنَّ مَتَاعَهُ مَرْوِيٌّ أَوْ هَرَوِيٌّ وَاتَّهَمَهُ الْعَاشِرُ، وَفِي فَتْحِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ حَلَّفَهُ وَأَخَذَ الصَّدَقَةَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِضْرَارِ بِهِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِعُمَّالِهِ لَا تُفَتِّشُوا عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ، ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute