للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَدَّقَهُ مَعَ الْيَمِينِ فَكَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ

(قَالَ:) وَالتَّغْلِبِيُّ وَالذِّمِّيُّ فِي الْمُرُورِ عَلَى الْعَاشِرِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ مَعَ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ

(قَالَ:) وَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرُ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى مَا دَامَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ نَصْرَانِيًّا خَرَجَ بِفَرَسٍ مِنْ الرُّومِ لِيَبِيعَهُ فِي دَارِنَا فَأَخَذَ مِنْهُ الْعَاشِرُ الْعُشْرَ، ثُمَّ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ بَيْعُهُ فَلَمَّا عَادَ بِهِ لِيَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ طَالَبَهُ الْعَاشِرُ بِعُشْرِهِ، فَقَالَ: إنِّي كُلَّمَا مَرَرْتُ عَلَيْكَ لَوْ أَدَّيْتُ إلَيْكَ عُشْرَهُ لَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ فَتَرَكَ الْفَرَسَ عِنْدَهُ وَجَاءَ إلَى الْمَدِينَةِ فَوَجَدَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِهِ يَنْظُرُونَ فِي كِتَابٍ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَنَا الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا الشَّيْخُ الْحَنَفِيُّ فَمَا وَرَاءَكَ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَعَادَ عُمَرُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى كَلَامِهِ فَرَجَعَ عَازِمًا عَلَى أَدَاءِ الْعُشْرِ ثَانِيًا فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الْعَاشِرِ إذَا كِتَابُ عُمَرَ سَبَقَهُ أَنَّكَ إنْ أَخَذْتَ مَرَّةً فَلَا تَأْخُذُ مَرَّةً أُخْرَى. (قَالَ) النَّصْرَانِيُّ: إنَّ دِينًا يَكُونُ الْعَدْلُ فِيهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَحَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ حَقًّا فَأَسْلَمَ.

وَلِأَنَّ تَجَدُّدَ حَقِّ الْأَخْذِ بِاعْتِبَارِ تَجَدُّدِ الْحَوْلِ وَالْحَرْبِيِّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْمُقَامِ فِي دَارِنَا حَوْلًا، قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَتَجَدَّدَ الْحَوْلُ، وَمُرَادُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِحَالِهِ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ مِنْهُ ثَانِيًا لِتَجَدُّدِ الْحَوْلِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْ الذِّمِّيِّ

(قَالَ:) فَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَ عَشَّرَهُ ثَانِيَةً، وَإِنْ كَانَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِالرُّجُوعِ الْتَحَقَ بِحَرْبِيٍّ لَمْ يَدْخُلْ دَارَنَا قَطُّ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الدُّخُولِ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْمَانٍ جَدِيدٍ، وَلِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ لِأَجْلِ الْأَمَانِ، وَقَدْ انْتَهَى ذَلِكَ بِرُجُوعِهِ فَدُخُولُهُ ثَانِيًا يَكُونُ بِأَمَانٍ جَدِيدٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ

(قَالَ:) وَإِذَا مَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ مَوْلَاهُ يَتَّجِرُ بِهِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْعُشْرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى حَاضِرًا، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ بِضَاعَةً فِي يَدِ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى فَهُوَ غَيْرُ مُشْكِلٍ كَمَا لَوْ كَانَ بِضَاعَةً مَعَ أَجْنَبِيٍّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ كَسْبَ الْعَبْدِ وَهُوَ مَأْذُونٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى مَعَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ الزَّكَاةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى مَعَهُ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ يَقُولُ: لَا يَأْخُذُ مِنْهُ الزَّكَاةَ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَقُولُ يَأْخُذُ مِنْهُ رُبُعَ الْعُشْرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ فِي قَوْلِهِمَا، وَفِي الْمُضَارِبِ إذَا مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا: يَأْخُذُ مِنْهُ الزَّكَاةَ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا أَعْلَمُهُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ الثَّانِي فِي الْمُضَارِبِ يُوجِبُ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْعَبْدِ شَيْئًا أَيْضًا. وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>