نِصْفَ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ حِصَّتُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَهُوَ الرُّبْعُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى حِينَ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُضَارِبِ أَرْبَاعًا، فَإِنَّمَا يَعْمَلُ إقْرَارُهُ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَنَى جِنَايَةَ خَطَأٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ مَمْلُوكٌ لِرَبِّ الْمَالِ، فَالدَّفْعُ بِالْجِنَايَةِ تَمْلِيكٌ لَا بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْمُضَارِبُ بِعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، كَالتَّمْلِيكِ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَإِبْطَالِ الْمِلْكِ فِيهِ بِالْإِعْتَاقِ وَإِنْ فَدَاهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْعَبْدِ، وَهُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى هَذَا الْفِدَاءِ فَهُوَ فِيهِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَكَانَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ الْجِنَايَةِ بِالْفِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَاضِرًا قِيلَ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْعَبْدِ حِينَ جَنَى، وَالْمَالِكُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ؛ أَخَذَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ الْعَبْدَ بِمَا أَدَّى مِنْ الْفِدَاءِ، فَصَارَ هُوَ فِي حَقِّ الْمُضَارِبِ كَالتَّاوِي حِينَ أَبَى الْمُضَارِبُ أَنْ يَفْدِيَهُ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ فِيهِ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ، وَإِنْ أَرَادَ دَفْعَهُ فَقَالَ الْمُضَارِبُ: أَنَا أَفْدِيهِ وَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَهُ فَأَرْبَحَ فِيهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً، وَبِاعْتِبَارِهَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ مَنْعَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ هُوَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِدَامَةِ يَدِهِ بِأَدَاءِ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْفِدَاءِ شَيْئًا مِنْ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ، وَرَبُّ الْمَالِ بِالدَّفْعِ يُبْطِلُ حَقَّ الْمُضَارِبِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفِدَاءِ إبْطَالُ الْيَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ، بَلْ فِيهِ تَقْرِيرُ يَدِهِ بَعْدَ مَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْفَوَاتِ، وَفِي الدَّفْعِ تَفْوِيتُ يَدِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْفِدَاءَ إذَا حَضَرَ، فَلَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يُبْطِلَ عَلَيْهِ خِيَارَهُ.
وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى بِبَعْضِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا فَجَنَى جِنَايَةَ خَطَأٍ وَفِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ مِثْلُ الْفِدَاءِ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْفِدَاءَ مِنْ الْجِنَايَةِ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إنْ أَحَبَّ.
وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَجَنَى جِنَايَةَ خَطَأٍ تُحِيطُ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدْفَعَهُ حَتَّى يَحْضُرَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا رُبْعُهُ لِلْمُضَارِبِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ لَا يَنْفَرِدُ بِدَفْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ، وَأَيُّهُمَا فَدَاهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ هُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى الْفِدَاءِ، وَلَا مُضْطَرٍّ إلَى ذَلِكَ لِإِحْيَاءِ مِلْكِهِ فَكَانَ مُتَبَرِّعًا فِيهِ فَإِنْ حَضَرَا وَاخْتَارَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute