عَلَيْهِ كَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ، فَالْمَشْرُوطُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ كَالْمَشْرُوطِ لِلْمُضَارِبِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْأَجْرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ كَانَ مُكَاتَبَ الْمُضَارِبِ، أَوْ وَلَدَهُ، أَوْ وَالِدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَلِلَّذِي عَمِلَ بِالْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِ هَؤُلَاءِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُمْ لِلْعَمَلِ مَعَهُ، وَيَكُونُ أَجْرُهُمْ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وَكَادَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَبْدَهُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَلَا بَيْتَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِيَبِيعَ فِيهِ وَيَشْتَرِيَ لِلْمُضَارَبَةِ، فَكَانَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ شَرْطًا فَاسِدًا.
وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ عَبْدُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ عَلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَجْرًا: عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَمِلَ مَعَهُ فَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ رَبِّ الْمَالِ إذًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَنَفْسِهِ.
وَلَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَهُ بِأَجْرٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَلَا أَجْرَ لَهُ فِيمَا عَمِلَ، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ ذَلِكَ لِعَبْدِهِ أَوْ لِأَبِيهِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ وَهُوَ بِغَيْرِ أَجْرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ يُعْدِمُ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ، وَهُنَا الشَّرْطُ لَا يُعْدِمُ التَّخْلِيَةَ، فَإِنَّ الْعَبْدَ أَجِيرُ الْمُضَارِبِ، وَيَدُ الْأَجِيرِ كَيَدِهِ.
وَلَوْ كَانَ عَبْدُ رَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَاشْتَرَطَ لَهُ أَجْرًا: عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ، أَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِابْنِهِ جَازَ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِيمَا يُشْتَرَطُ لَهُمْ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى الْعَمَلِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ رَجُلًا عَشَرَةَ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي لَهُ الْبَزَّ وَيَبِيعُ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِهِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْأَشْهُرِ مَالًا يَعْمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَعَمِلَ بِهِ الْأَجِيرُ؛ فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ مِنْ الرِّبْحِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: رِبْحُ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَلَا أَجْرَ لِلْأَجِيرِ مَا دَامَ يَعْمَلُ بِهَذَا، وَإِذَا عَمِلَ بِغَيْرِهِ مِنْ مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ؛ فَلَهُ أَجْرُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ هَذِهِ الشُّهُورُ؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْفَسْخِ مِنْهُمَا لِلْإِجَارَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْفَسْخَ فِي ضِمْنِ الْمُضَارَبَةِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَنَافِعِ الَّتِي يَعْمَلُ بِهَا فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَلَا تَتَعَدَّى إلَى مَا يَعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ فَيَسْتَوْجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ بِاعْتِبَارِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْأَجْرُ بِمَنَافِعِهِ الْمَصْرُوفَةِ إلَى عَمَلِهِ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ شَرِكَةٌ.
وَلَوْ أَنَّ الْأَجِيرَ شَارَكَ رَبَّ الْمَالِ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ خَلَطَهُ بِمَالِ رَبِّ الْمَالِ بِإِذْنِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِالْمَالَيْنِ، فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَانَتْ الشَّرِكَةُ جَائِزَةً عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَلَا أَجْرَ لِلْأَجِيرِ مَا دَامَ يَعْمَلُ بِهَذَا الْمَالِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute