للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالُوا: " هَذَا الْحَقُّ وَبِالْحَقِّ قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ " وَبَيَانُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {: وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [المؤمنون: ٧١]، وَعَنْ الضَّحَّاكِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُكْرِي الْأَرْضَ الْجُرُزَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَكَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} [السجدة: ٢٧] وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «أَيْنَمَا دَارَ عُمَرُ فَالْحَقُّ مَعَهُ» - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يُجَوِّزُهَا «وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْ عُمُومَتِك فِي كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقَالَ: دَخَلَ عُمُومَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَرَجُوا إلَيْنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَدْ كُنْت أَعْلَمُ إنَّا كُنَّا نُكُرِي الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَاءً فِي الرَّبِيعِ السَّاقِي الَّذِي يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ: لَا أَدْرِي كَمْ هُوَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا عِنْدَنَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَهَا بِشَيْءٍ لَا يَدْرُونَ كَمْ هُوَ وَلَا مَا يُخْرِجُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ: أَنَّ النَّهْيَ الْعَامَّ يَجُوزُ أَنْ يُقَيَّدَ بِالسَّبَبِ الْخَاصِّ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَيَّدَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّهْيَ الْمُطْلَقَ بِمَا عُرِفَ مِنْ السَّبَبِ وَالْخُصُوصِيَّةِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ النَّهْيِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ قَالَ: الْمُزَارَعَةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ مَعَ حُصُولِهَا فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَحْصُلَ الْخَارِجُ فِي الْجَانِبِ الَّذِي شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَالرَّبِيعُ السَّاقِي الْمَاءَ وَهُوَ مَاءُ السَّيْلِ يَنْحَدِرُ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ فَيَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ، يَسْقِي مِنْهُ الْأَرْضَ وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخَذَ بِعُمُومِ النَّهْيِ بِحَدِيثَيْنِ رُوِيَا فِي الْبَابِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِحَائِطٍ فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ رَافِعٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لِي اسْتَأْجَرْته فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لَا تَسْتَأْجِرْهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَالثَّانِي: مَا رُوِيَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقُلْت إنَّا نُكْرِيهَا بِمَا عَلَى الرَّبِيعِ السَّاقِي فَقَالَ لَا فَقُلْت إنَّا نَكْرِيهَا بِالتِّبْنِ فَقَالَ: لَا فَقُلْت إنَّا نُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا ازْرَعْهَا أَوْ امْنَحْهَا أَخَاك»، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ فَهُوَ نَصٌّ وَكَأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَهَا، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ الْقَدْرُ الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ أَسَدَ بْنَ ظُهَيْرٍ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا بَنِي خَارِجَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>