للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنَّ الرِّبْحَ وَرَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ نِصْفَانِ فَسَدَ الْعَقْدُ فَهَذَا قِيَاسُهُ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَرْفَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ عُشْرَ الْخَارِجِ لِنَفْسِهِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّيعِ بَيْنَهُمَا مَعَ حُصُولِ الْخَارِجِ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ قَدْرٍ يَخْرُجُ إلَّا وَيَبْقَى بَعْدَ رَفْعِ الْعُشْرِ مِنْهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ، ثُمَّ هَذَا فِي الْمَعْنَى اشْتِرَاطُ خَمْسَةٍ وَنِصْفٍ مِنْ عَشَرَةٍ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَأَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ لِلْآخَرِ، وَذَلِكَ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّيعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اُشْتُرِطَ الْعُشْرُ لِمَنْ لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ جَازَ لِمَا قُلْنَا، وَلَوْ اشْتَرَطَا رَفْعَ الْخَرَاجِ مِنْ الرِّيعِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَهُوَ دَرَاهِمُ مُسَمَّاةٌ، أَوْ حِنْطَةٌ مُسَمَّاةٌ فَاشْتِرَاطُ رَفْعِ الْخَرَاجِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَهَذَا شَرْطٌ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّيعِ مَعَ حُصُولِهِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ أَوْ دُونُهُ

وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً فَاشْتَرَطَا رَفْعَ الْعُشْرِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَشْرَبُ سَحًّا، أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ إنْ كَانَتْ تَشْرَبُ بِدَلْوٍ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ مِقْدَارٍ تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ إلَّا وَإِذَا دُفِعَ مِنْهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ يَبْقَى شَيْءٌ لِيَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ حَصَلَ الْخَارِجُ أَخَذَ السُّلْطَانُ حَقَّهُ مِنْ عُشْرٍ أَوْ نِصْفٍ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا كَذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ السُّلْطَانُ مِنْهُمْ شَيْئًا، أَوْ أَخَذُوا بَعْضَ طَعَامِهِمْ سِرًّا مِنْ السُّلْطَانِ فَإِنَّ الْعُشْرَ الَّذِي شُرِطَ مِنْ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ مَنْ أَجَّرَ أَرْضَهُ الْعُشْرِيَّةَ فَالْعُشْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَعِنْدَهُمَا الْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَفِي الْمُزَارَعَةِ رَبُّ الْأَرْضِ مُؤَجِّرٌ لِلْأَرْضِ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ فَالْعُشْرُ عَلَيْهِ - عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - فِي الْوَجْهَيْنِ فَالْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ مَشْرُوطٌ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعِنْدَهُمَا الْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ، فَإِذَا لَمْ يَأْخُذْ السُّلْطَانُ مِنْهُمَا الْعُشْرَ أَوْ أَخَذَا بَعْضَ الطَّعَامِ سِرًّا مِنْ السُّلْطَانِ، فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَكَذَلِكَ الْمَشْرُوطُ لِلْعُشْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا لَهُمَا وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ قَالَ لِلْعَامِلِ: لَسْت أَدْرِي مَا يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنَّا الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ، فَإِنَّمَا تِلْكَ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ لِي مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ بَعْدَ الَّذِي يَأْخُذُ السُّلْطَانُ وَلَك النِّصْفُ فَهَذَا فَاسِدٌ فِي قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>