للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - هُوَ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَالَا، وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَرْضَ قَدْ تَكُونُ بِحَيْثُ تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَقَدْ تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تُسْقَى بِالدِّلَاءِ عِنْدَ قِلَّةِ الْمَطَرِ، وَفِي مِثْلِهِ السُّلْطَانُ يَعْتَبِرُ الْأَغْلَبِ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِ الْعُشْرِ فَكَأَنَّهُمَا قَدْ قَالَا لَا نَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ حَالُ الْمَطَرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَاذَا يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنْ الْخَارِجِ فَتَعَاقَدَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ يَكُونُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَبِهَذَا الشَّرْطِ هُمَا شَرَطَا لِرَبِّ الْأَرْضِ جُزْءًا مَجْهُولًا مِنْ الْخَارِجِ إمَّا الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ يَكُونُ فِي الْخَارِجِ، وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَهَذَا فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ جَمِيعِ الْخَارِجِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ وَبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا دَفَعَ مِنْهُ حَظَّ السُّلْطَانِ وَهُوَ النِّصْفُ مِمَّا تُخْرِجُ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا لِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ، وَلِلْعَامِلِ الثُّلُثَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَإِنَّمَا يَعْنِي خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ، وَلِلْإِمَامِ رَأْيٌ فِي الْخَرَاجِ بَيْنَ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ وَبَيْنَ خَرَاجِ الْوَظِيفَةِ، وَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ جُزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ حَتَّى لَا يَجِبَ إلَّا بِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْخَارِجِ بِخِلَافِ خَرَاجِ الْوَظِيفَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعُشْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمَشْرُوطُ لِخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ كَالْمَشْرُوطِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ وَعِنْدَهُمَا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ فِي الْخَارِجِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْخَارِجِ بَيْنَهُمَا، فَكَأَنَّهُمَا شَرَطَا الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ فِي جَمِيعِ الْخَارِجِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ، فَإِنْ أَخَذَ السُّلْطَانُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ الْخَرَاجَ وَتَرَكَ الْمُقَاسَمَةَ فَالنِّصْفُ الَّذِي شَرَطَاهُ لِلسُّلْطَانِ هُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ السُّلْطَانَ قَدْ يَفْتَحُ بَلْدَةً وَيَمُنُّ بِهَا عَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ يَتَرَدَّدُ رَأْيُهُ فِي تَوْظِيفِ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ عَلَيْهِمْ، أَوْ خَرَاجِ الْوَظِيفَةِ فَلَا يَعْزِمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْصُلَ الْخَارِجُ، أَوْ كَانَ جَعَلَ عَلَيْهِمْ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يُعَطِّلُوا الْأَرَاضِيَ فَيَكُونَ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ نَظَرًا لِأَرْبَابِ الْخَرَاجِ، فَإِذَا بَدَا لَهُ بَعْدَ حُصُولِ الْخَارِجِ أَنْ يَأْخُذَ خَرَاجَ الْوَظِيفَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، ثُمَّ النِّصْفُ الْمَشْرُوطُ لِلسُّلْطَانِ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يُشْكِلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ فَالْمَشْرُوطُ لَهُ مَشْرُوطٌ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ بَدَلَ ذَلِكَ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْغُنْمُ مُقَابَلٌ بِالْغُرْمِ فَمَا شُرِطَ لِخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>