للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِمْ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ رَضَخَ لَهُمْ فَهَذَا مِثْلُهُ

(قَالَ): وَلَا شَيْءَ فِي الْعَسَلِ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ أَوْ فِي الْجِبَالِ فَفِيهِ الْعُشْرُ كَيْفَ كَانَ صَاحِبُهُ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَا رُوِيَ فِي إيجَابِ الْعُشْرِ فِي الْعَسَلِ لَمْ يَثْبُتْ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ لَمْ يَثْبُتْ فَهَذَا مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا عُشْرَ فِي الْعَسَلِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَالْإِبْرَيْسِمِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ دُودِ الْقَزِّ.

(وَلَنَا) مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بَنِي سَامِرٍ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمَ كَانَتْ لَهُمْ نَحْلٌ عَسَّالَةٌ فَكَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةً وَكَانَ يَحْمِي لَهُمْ وَادِيَهُمْ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنَّ النَّحْلَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَسُوقُهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى مَنْ يَشَاءُ فَإِنْ أَدُّوا إلَيْكَ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحْمِ لَهُمْ وَادِيَهُمْ وَإِلَّا فَخَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّاسِ فَدَفَعُوا إلَيْهِ الْعُشْرَ. وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ»، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ النَّحْلَ تَأْكُلُ مِنْ نُوَّارِ الشَّجَرِ وَثِمَارِهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [النحل: ٦٩] فَمَا يَكُونُ مِنْهَا مِنْ الْعَسَلِ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الثِّمَارِ، وَفِي الثِّمَارِ - إذَا كَانَتْ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ - الْعُشْرُ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي ثِمَارِ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ شَيْءٌ وَبِهَذَا فَارَقَ دُودُ الْقَزِّ فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْوَرَقَ، وَلَيْسَ فِي الْأَوْرَاقِ عُشْرٌ فَكَذَلِكَ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا

(قَالَ:) وَلَا شَيْءَ فِي الْقِيرِ وَالنِّفْطِ وَالْمِلْحِ؛ لِأَنَّهَا فَوَّارَةٌ كَالْمَاءِ، وَأَمَّا مَا حَوْلَهَا مِنْ الْأَرْضِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ الْخَرَاجِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْعُيُونُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ فَكَانَتْ كَالْأَرْضِ السَّبِخَةِ وَمَا لَا يَبْلُغُهَا الْمَاءُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُول: لَا شَيْءَ فِي مَوْضِعِ الْقِيرِ، وَأَمَّا حَرِيمُهُ مِمَّا أَعَدَّهُ صَاحِبُهُ لِإِلْقَاءِ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ يُمْسَحُ فَيُوجِبُ فِيهِ الْخَرَاجَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ صَالِحٌ لِلزِّرَاعَةِ إنَّمَا عَطَّلَهُ صَاحِبُهُ لِحَاجَتِهِ فَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنْهُ

(قَالَ): وَلَا شَيْءَ فِي الطَّرْفَاءِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنْبِتُ فِي الْجِنَانِ بِمَاءٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِغْلَالُ الْأَرَاضِي عَادَةً بَلْ لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لَهَا، وَالْعُشْرُ إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِغْلَالُ الْأَرَاضِيِ عَادَةً

(قَالَ): وَلَا يَسْقُطُ فِيهِ الْخُمُسُ عَنْ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ، وَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ مُعْسِرًا أَوْ فَقِيرًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَلِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>