للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصْفَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: شَرَطْتُ لَكَ النِّصْفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ. بَيَانُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْأَجَلَ أَيُّهُمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا كَانَ يَدَّعِي الْأَجَلَ، وَرَبُّ السَّلَمِ مُنْكِرٌ لِدَعْوَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي إنْكَارِهِ إفْسَادُ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُنْكِرًا لِلْأَجَلِ فَهُوَ مُتَعَنِّتٌ فِي هَذَا الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يُقِرُّ لَهُ بِالْأَجَلِ، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ تَعَنُّتًا لِيُفْسِدَ بِهِ الْعَقْدَ فَهُنَا كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَعِنْدَهُمَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ، فَرَبُّ الْأَرْضِ يَدَّعِي عَلَى الْمُزَارِعِ اسْتِحْقَاقَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ لِإِقَامَةِ الْعَمَلِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي إنْكَارِهِ إفْسَادُ الْعَقْدِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ السَّبَبَ الْمُفْسِدَ بَعْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى مَا هُوَ شَرْطُ الصِّحَّةِ، وَلَا يُثْبِتُ الْفَضْلَ فِيمَا شَرَطَ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُزَارِعُ: شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ إلَّا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: شَرَطْتُ لَكَ النِّصْفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَلِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ الْمُزَارِعَ مُتَعَنِّتٌ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يُقِرُّ لَهُ بِزِيَادَةٍ فِيمَا شَرَطَ لَهُ، وَالْمُزَارِعُ يُكَذِّبُهُ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ، لِيُفْسِدَ بِهِ الْعَقْدَ، فَكَانَ مُتَعَنِّتًا، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَاسْتِحْقَاقُ الْعَمَلِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِبَيِّنَتِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُزَارِعُ قَبْلَ الْعَمَلِ: شَرَطْتُ لِي النِّصْفَ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ شَرَطْتُ لَكَ النِّصْفَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ النِّصْفِ ثُمَّ رَبُّ الْأَرْضِ يَدَّعِي شَرْطَ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِيُفْسِدَ بِهِ الْعَقْدَ، وَالْمُزَارِعُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِإِثْبَاتِهِ الشَّرْطَ الْمُفْسِدَ مَعَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى مَا هُوَ شَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: شَرَطْتُ لَكَ النِّصْفَ إلَّا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ، وَقَالَ الْمُزَارِعُ: شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ يَدَّعِي زِيَادَةَ أَقْفِزَةٍ فِيمَا شُرِطَ، وَرَبُّ الْأَرْضِ مُنْكِرٌ؛ لِمَا قُلْنَا: إنَّ الْكَلَامَ الْمُصَدَّرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ يَصِيرُ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْفَضْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>