للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ كَانَ حَالُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِمَنْزِلَةِ حَالِ رَبِّ الْأَرْضِ حَتَّى كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا سَنَتَهُمَا هَذِهِ، فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ ذَلِكَ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ الثُّلُثُ مِنْهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْآخَرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطُوا؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِعَمَلِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَأْجَرَ الْآخَرَ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَكَذَا عِنْدَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا فَاخْتَلَفَ الْعَامِلَانِ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الثُّلُثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الثُّلُثَ عَلَيْهِ بِالشَّرْطِ فَإِذَا صَدَقَ أَحَدُهُمَا فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالثُّلُثِ وَأَنْكَرَ اسْتِحْقَاقَ الْآخَرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي بَيَانِ مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ أَوْ ثُلُثِ الْخَارِجِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَخَذَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ بِإِقْرَارِهِ وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَ بِبَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِهِ ثُلُثَ الْخَارِجِ ابْتِغَاءَ الْأَجْرِ الَّذِي بِهِ أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ، وَلَوْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الْأَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ لِأَحَدِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ، وَلِلْآخَرِ بِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَعَ بَيِّنَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُدَّعِيَانِ لِلْحَقِّ قَبْلَهُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي دُونَ الْمُنْكِرِ، وَلَوْ كَانَ دَفَعَ الْأَرْضَ إلَيْهِمَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ نِصْفُهُ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الزَّرْعِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ سُدُسُ الزَّرْعِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَ الْأَرْضَ مِنْهُمَا نِصْفُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَنِصْفُهَا مِنْ الْآخَرِ بِثُلُثِ مَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ النِّصْفُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ بِاخْتِلَافِ الْبَدَلِ لَا تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَإِنْ زَرَعَهَا، فَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِرَبِّ الْأَرْضِ: أَنَا شَرَطْتُ لَكَ سُدُسَ الزَّرْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يُصَدِّقُ أَحَدَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَيَدَّعِي عَلَى الْآخَرِ وُجُوبَ الْأَجْرِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِإِنْكَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>