للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَبَيْنَ فُلَانٍ. وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِينَ جَمِيعًا، وَهُنَا أَجَابَ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ: إنَّمَا اخْتِلَافُ الْجَوَابِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ وَيَعْمَلُ مَعَهُ فُلَانٌ بِثُلُثِ الْخَارِجِ، وَحَرْفُ الْوَاوِ لِلْعَطْفِ، فَيَكُونُ هَذَا عَطْفُ عَقْدٍ فَاسِدٍ عَلَى عَقْدٍ جَائِزٍ لِاشْتِرَاطِ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ فِي الْآخَرِ. وَهُنَاكَ قَالَ: وَعَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ فُلَانًا يَعْمَلُ مَعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَحَرْفُ عَلَى لِلشَّرْطِ فَيَكُونُ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ مَشْرُوطًا فِي الْآخَرِ. وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ: هُنَاكَ الْمَشْرُوطُ لِلْآخَرِ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ بِثُلُثِ الْخَارِجِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ شَرِكَةً مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْإِجَارَةِ إذَا فَسَدَتْ، وَالشَّرِكَةُ لَا تُفْسَدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، فَلَمَّا غَلَبَ هُنَاكَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ صَحَّحْنَا الْعَقْدَ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ وَإِنْ فَسَدَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَالْعَامِلِ الْآخَرِ لِاشْتِرَاطِ عَمَلِهِ مَعَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ. وَهُنَا إنَّمَا شَرَطَا لِلْعَامِلِ أَجْرًا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ الْمُغَلَّبُ هُنَا مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَاَلَّذِي كَانَ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ إجَارَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ إجَارَةً لِلْأَرْضِ أَوْ اسْتِئْجَارًا لِلْعَامِلِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ إجَارَةً مَشْرُوطَةً فِي إجَارَةٍ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ إجَارَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ وَلِهَذَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا بِاشْتِرَاطِ إجَارَةٍ فِي إجَارَةٍ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الزَّرْعِ وَأَجْرُ مِثْلِ الَّذِي عَمِلَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَجِيرًا لَهُ فَعَمَلُهُ كَعَمَلِ الْمُزَارِعِ بِنَفْسِهِ، وَعَلَى الزَّارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الَّذِي عَمِلَ مَعَهُ فِيمَا عَمِلَ لَا يُزَادُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ قَضَى بِمِقْدَارِ الْمِائَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الزَّارِعِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَأَجْرُ مِثْلِ الَّذِي عَمِلَ مَعَهُ لَا يُزَادُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهَذَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يُزَادُ بِأَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ عَلَى نِصْفِ الْخَارِجِ عَلَى قِيَاسِ شَرِكَةِ الِاحْتِطَابِ. وَكَذَلِكَ الشَّجَرُ يَدْفَعُهُ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً عَلَى هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الْخَارِجِ لِصَاحِبِهِ، وَالنِّصْفَ الْبَاقِيَ لِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ بِعَيْنِهِ، وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى شَرِيكِهِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي عَمَلِهِ - فَهُوَ فَاسِدٌ لِاشْتِرَاطِ إجَارَةٍ فِي إجَارَةٍ. يُوَضِّحُ جَمِيعَ مَا قُلْنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَلَى الْعَامِلِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ سِوَى عَمَلِهِ - بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ.

وَلَوْ كَانَ نَخْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَدَفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ سَنَةً يَقُومُ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ فَنِصْفُهُ لِلْعَامِلِ، ثُلُثَا ذَلِكَ النِّصْفِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَالْبَاقِي بَيْنَ صَاحِبَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>