للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْتَنِعَ مِنْ الْتِزَامِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ مِنْ الْعَبْدِ فَحَجَرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الزَّارِعَ مِنْ الزِّرَاعَةِ. وَإِذَا أَخَذَ الْعَبْدُ أَرْضَ الْغَيْرِ مُزَارَعَةً لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ ثُمَّ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فَنَفْسُ الْحَجْرِ مَنْعٌ مِنْهُ لِلْمُزَارَعَةِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ إذَا كَانَ هُوَ الْعَبْدُ فَفِي إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ إتْلَافٌ لَهُ وَلِلْمَوْلَى أَنْ لَا يَرْضَى بِذَلِكَ، فَمَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُزَارِعُ مِنْ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الْمُزَارِعُ بِبَذْرِهِ فَبِنَفْسِ الْحَجْرِ فَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْبَذْرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي مَنَافِعِهِ بِإِقَامَةِ عَمَلِ الزِّرَاعَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى، فَلِهَذَا جَعَلَ نَفْسَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَسْخًا لِلزِّرَاعَةِ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْحُرُّ يَحْجُرُ عَلَيْهِ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ. وَكَذَلِكَ الْمُعَامَلَةُ فِي الِاسْتِئْجَارِ إلَّا أَنَّ فِي الْمُعَامَلَةِ الْحَجْرَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، أَيَّهمَا كَانَ الْعَامِلُ، لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تُلْزَمُ بِنَفْسِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ نَهَاهُ أَوْ نَهَى مُزَارِعَهُ عَنْ الْعَمَلِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الْعَقْدِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ كَانَ نَهْيُهُ بَاطِلًا وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ وَيَعْمَلَ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ لِأَنَّ هَذَا حَجْرٌ خَاصٌّ فِي إذْنٍ عَامٍّ وَهُوَ بَاطِلٌ [أَلَا تَرَى] أَنَّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْإِذْنِ لَوْ اسْتَثْنَى الْمُزَارَعَةَ لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ؟ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْإِذْنِ إذَا نَهَاهُ عَنْ الْعَقْدِ أَوْ الْمُضِيِّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ. فَإِذَا اشْتَرَى الصَّبِيُّ التَّاجِرُ أَرْضًا ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ أَبُوهُ فَدَفَعَهَا مُزَارَعَةً إلَى رَجُلٍ بِالنِّصْفِ يَزْرَعُهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ فَالْخَارِجُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ لِأَنَّ إذْنَ الصَّبِيِّ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ بَعْدَ الْحَجْرِ بَاطِلٌ فَكَانَ الْعَامِلُ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ وَالْخَارِجُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي الْأَرْضِ نُقْصَانٌ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الصَّبِيِّ فِي تَصْحِيحِ الْعَقْدِ هُنَا، فَإِنَّهُ لَوْ بَطَلَ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا يَحْجُرُ الصَّبِيَّ عَمَّا يُتَمَحَّضُ مَنْفَعَتُهُ مِنْ الْعُقُودِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَلَا يَتَصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا صَحَّ مِنْهُ كَانَ هُوَ فِي ذَلِكَ كَالْبَالِغِ أَوْ الْمَأْذُونِ. وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الدَّافِعِ كَانَ الْخَارِجُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الْبَذْرِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَوْ نُقْصَانُ الْأَرْضِ إنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ، سَوَاءٌ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرَجْ لِأَنَّ إذْنَ الصَّبِيِّ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِلْقَاءِ بَذْرِهِ فِي الْأَرْضِ بَاطِلٌ فَيَكُونُ الْمُزَارِعُ كَالْغَاصِبِ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غُرْمُ الْبَذْرِ وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَالْخَارِجُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبٍ حَرَامٍ شَرْعًا.

وَإِذَا دَفَعَ الْحُرُّ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ سَنَتَهُ هَذِهِ فَزَرَعَهَا فَحَصَلَ الْخَارِجُ، وَسَلَّمَ الْعَامِلُ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ لِلْعَمَلِ بِالنِّصْفِ الْخَارِجِ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ

<<  <  ج: ص:  >  >>