عَلَيْهِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ وَجَبَ لَهُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ مَاتَ فِي الْعَمَلِ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لَهُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْصَادِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَبْدَ بِالضَّمَانِ مِنْ حِينِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، فَإِنَّمَا أَقَامَ عَمَلَ الزِّرَاعَةِ بِعَبْدِ نَفْسِهِ، فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لَهُ وَيَطِيبُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رَبَّى زَرْعَهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ، وَلِكَوْنِهِ غَاصِبًا لِلْعَبْدِ لَا يَتَمَكَّنُ الْخُبْثُ فِي الزَّرْعِ. وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ الْحُرُّ مِنْ عَمَلِ الزِّرَاعَةِ بَعْدَ مَا اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا طَيِّبٌ لَهُمَا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الصَّبِيُّ لِأَنَّ بِاسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ تَأَكَّدَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْخَارِجِ، وَالصَّبِيُّ لَا يُمْلَكُ بِالضَّمَانِ، فَإِنْ مَاتَ وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ دِيَةُ الصَّبِيِّ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِإِتْلَافِهِ عَلَى وَجْهٍ هُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ. لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُعَامَلَةِ فِي النَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَهُوَ حُرٌّ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ اكْتَسَبَهُ بِعَمَلِهِ، وَالْعَبْدُ فِي الِاكْتِسَابِ كَالْحُرِّ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا فَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ نُقْصَانٍ وَلَا غَيْرِهِ مَا لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّهُ شَرَطَ بَعْضَ الْخَارِجِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِعَقْدِهِ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ حَالَ رِقِّهِ، وَإِنَّمَا زَرَعَ الْأَرْضَ بِتَسْلِيطِ صَاحِبِ الْأَرْضِ إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَغْرَمُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ مَا لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ، فَإِذَا عَتَقَ رَجَعَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ بِأَجْرِ مِثْلِ أَرْضِهِ لِأَنَّهُ كَانَ شَرَطَ لَهُ نِصْفِ الْخَارِجِ بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقَدْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَحَصَلَ الْخَارِجَ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ الْمَوْلَى فَيَكُونُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَا يُرْجَعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ بِالْعَقْدِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّهِ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ فِي عَمَلِ الْأَرْضِ لَمْ يَضْمَنْهُ رَبُّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُمَا عَمِلَا لِأَنْفُسِهِمَا فَلَا يَكُونُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُسْتَعْمِلًا لِلْعَبْدِ وَلَا مُتَسَبِّبًا لِإِتْلَافِ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ ضَمَانِ بَذْرِهِمَا وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُمَا عَمِلَا لِأَنْفُسِهِمَا فِي إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَمَلٌ فِي بَذْرِهِمَا تَسَبُّبًا وَلَا مُبَاشَرَةً.
وَإِذَا حَجَرَ الرَّجُلُ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ ابْنِهِ وَفِي يَدِهِ نَخْلٌ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخْلِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا لِلْعَامِلِ نِصْفَ الْخَارِجِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ الصَّبِيِّ وَمِنْ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ مَا لَمْ يُعْتَقْ، فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْتِزَامَ الْعَبْدِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَحِيحٌ وَقَدْ اسْتَحَقَّ الْمَوْلَى الْخَارِجَ بَعْدَ مَا حَصَلَ الْخَارِجُ.
وَإِذَا دَفَعَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَرْضًا مِمَّا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ أَرْضًا أَخَذَهَا مِنْ أَرَاضِيِ مَوْلَاهُ إلَى رَجُلٍ يَزْرَعُهَا بِبَذْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute