للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْضَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ عِوَضًا بِمُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ وَفِي صِحَّتِهِ سَوَاءٌ، فَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَهَا مُزَارَعَةً بِجُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ الْخَارِجِ وَفِي تَصَرُّفِهِ مَحْضُ مَنْفَعَةٍ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ وَهُوَ سَلَامَةُ مِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ بِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ لَهُمْ، وَلَوْلَا عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ مَا سَلِمَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا ثَبَتَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ وَكَانَ عَمَلُ الْعَامِلِ فِي الْأَرْضِ بِإِذْنٍ صَحِيحٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ. وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَسَمَّى لِلْعَامِلِ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْخَارِجِ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَرِيضِ، وَلَا مَالَ غَيْرُ الْأَرْضِ وَالطَّعَامِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الزَّرْعِ يَوْمَ خَرَجَ مِنْ الْأَرْضِ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ كَمْ يُسَاوِي تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ؟ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ أَجْرِ الْأَرْضِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ صَارَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ وَأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِ رَبِّ الْأَرْضِ فَلِلْمُزَارِعِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْخَارِجِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تِسْعَةِ أَعْشَارِهِ حِينَ خَرَجَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْمُزَارِعِ فَقَامَ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ صَارَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ وَأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا - أَخَذَ الزَّارِعُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَجْرَ مِثْلِهِ وَثُلُثَ مَا تَرَكَ وَصِيَّةً لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِمَا جَعَلَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْمُزَارِعُ بِإِيجَابِهِ شَرِيكًا فِي الْخَارِجِ حِينَ ثَبَتَ الْخَارِجُ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَا نَبَتَ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ تُمْكِنْ فِي تَصَرُّفِهِ مُحَابَاةٌ فَيُقَدَّرَ. ثُمَّ مِلْكُ الْمُزَارِعِ فِي نَصِيبِهِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ الزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكٍ صَحِيحٍ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ حِينَ نَبَتَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ فَالزِّيَادَةُ عَلَى مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ مُحَابَاةٌ لَهُ وَالْمُحَابَاةُ لَا تُسَلَّمُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ، فَبَقِيَ الثَّابِتُ كُلُّهُ مَوْقُوفًا عَلَى حَقِّ الْمَرِيضِ فَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي الزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ فِيهِ فَلَا يَسْلَمُ لِلْمُزَارِعِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ إلَّا مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْمَشْرُوطِ لَهُ يَكُونُ وَصِيَّةً فَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ فَيُحْتَاجُ هُنَا إلَى مَعْرِفَةِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ عَمَلَ الْمُزَارِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا فَبِالْعَقْدِ يَتَقَوَّمُ بِمِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَلَا وَصِيَّةَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْمَشْرُوطِ لَهُ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَرِيضُ أَجِيرًا لِعَمَلٍ آخَرَ لَهُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هُنَاكَ اسْتَأْجَرَهُ بِمَا كَانَ حَاصِلًا لَهُ لَا بِعَمَلِهِ، وَهُنَا اسْتَأْجَرَهُ بِمَالٍ يَحْصُلُ أَوْ يَزْدَادُ بِعَمَلِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ حِينَ يَصِيرُ لِلزَّرْعِ قِيمَةٌ لَا حِينَ نَبَتَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُمَلَّكًا مِنْهُ نَصِيبَهُ بِعِوَضٍ، وَالتَّمْلِيكُ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ مَا يَصِيرُ مُتَقَوِّمًا كَالتَّمْلِيكِ بِالْبَيْعِ، وَهُوَ وَإِنْ صَارَ شَرِيكًا فِيمَا نَبَتَ وَلَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِيمَةِ نَصِيبِهِ لِيُقَابِلَ ذَلِكَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>