للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ عِنْدَنَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْمَوْقُوفَةِ عَلَى أَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَالْمُلَّاكِ أَمَّا الْمَوْقُوفَةُ عَلَى أَقْوَامٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا.

(قَالَ): رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ وَزَرَعَهَا قَالَ عُشْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بَالِغًا مَا بَلَغَ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَجْرِ، أَوْ أَكْثَرَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ.

وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَكَانَ الْعُشْرُ عَلَيْهِ كَالْخَارِجِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لِلْأَرْضِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ وُجُوبَ الْعُشْرِ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالْمَنْفَعَةُ سَلِمَتْ لِلْآجِرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الْمَنْفَعَةِ، وَهِيَ الْأُجْرَةُ وَحُكْمُ الْبَدَلِ حُكْمُ الْأَصْلِ أَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّمَا سَلِمَتْ لَهُ الْمَنْفَعَةُ بِعِوَضٍ فَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي لِلزَّرْعِ، ثُمَّ الْعُشْرُ مُؤْنَةُ الْأَرْض النَّامِيَةِ كَالْخَرَاجِ وَخَرَاجُ أَرْضِ الْمُؤَاجَرِ عَلَى الْمُؤَاجِرِ فَكَذَلِكَ الْعُشْرُ عَلَيْهِ أَمَّا أَذَا أَعَارَ أَرْضَهُ مِنْ مُسْلِمٍ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِي الْخَارِجِ عِنْدَنَا. وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى الْمُعِيرِ وَقَاسَهُ بِالْخَرَاجِ وَقَالَ: حِينَ سَلَّطَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ فَكَأَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ سَلِمَتْ لِلْمُسْتَعِيرِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَوُجُوبُ الْعُشْرِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْخَارِجُ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّ سَلَامَةَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ كَانَ بِعِوَضٍ وَبِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ وُجُوبَهُ بِاعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَقَدْ تَمَكَّنَّ الْمُعِيرُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ مَحَلُّ الْخَرَاجِ الذِّمَّةُ، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ لَازِمٌ فِي الْأَرْضِ وَمَحَلُّ الْعُشْرِ الْخَارِجُ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ كَانَ أَعَارَ الْأَرْضَ مِنْ ذِمِّيٍّ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ صَدَقَةٌ لَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا عَلَى الْكَافِرِ وَالْمُعِيرُ صَارَ مُفَوِّتًا حَقَّ الْفُقَرَاءِ بِالْإِعَارَةِ مِنْ الْكَافِرِ فَكَانَ ضَامِنًا لِلْعُشْرِ.

(قَالَ): مُسْلِمٌ اشْتَرَى مِنْ كَافِرٍ أَرْضَ خَرَاجٍ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ عِنْدَنَا. وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَصِيرُ عُشْرِيَّةً؛ لِأَنَّ فِي الْخَرَاجِ مَعْنَى الصَّغَارِ، وَهَذَا لَا يَبْدَأُ بِهِ الْمُسْلِمُ فَكَذَلِكَ لَا يَبْقَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ إذَا أَسْلَمَ مَالِكُهُ، أَوْ بَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ، وَقَاسَ خَرَاجَ الْأَرْضِ بِخَرَاجِ الرُّءُوسِ وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَرْضُ خَرَاجٍ بِالسَّوَادِ فَكَانَ يُؤَدِّي فِيهَا الْخَرَاجَ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ مَعْنَى الصِّغَارِ فِي ابْتِدَاءِ وَضْعِ الْخَرَاجِ دُونَ الْبَقَاءِ كَمَا أَنَّ مَعْنَى الْعُقُودِ فِي ابْتِدَاءِ الِاسْتِرْقَاقِ دُونَ الْبَقَاءِ حَتَّى إذَا أَسْلَمَ الرَّقِيقُ يَبْقَى رَقِيقًا بِخِلَافِ خَرَاجِ الرُّءُوسِ فَإِنَّهُ ذُلٌّ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً فَلِهَذَا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ مَا قُلْنَا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>