بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ فَإِذَا أَدْرَكَتْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَهِيَ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ كَأَمْوَالِ التِّجَارَةِ.
وَإِذَا تَفَرَّقَتْ الْأَرَاضِي لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ عَامِلٍ وَاحِدٍ يُجْمَعُ وَمَا كَانَ مِنْ عَمَلِ عَامِلَيْنِ يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّصَابُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ وِلَايَةُ الْأَخْذِ مِمَّا لَيْسَ فِي عَمَلِهِ وَمَا فِي عَمَلِهِ دُونَ النِّصَابِ. وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُضَمُّ بَعْضُ ذَلِكَ إلَى الْبَعْضِ لِإِيجَابِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَاحِدٌ وَوُجُوبُ الْعُشْرِ عَلَيْهِ فَكَانَ مُرَادُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ هَذَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَخْذِ لِلْعَامِلِ فَعَلَى مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَأَخْرَجَتْ طَعَامًا فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْشِرُ إنْ بَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ كَمَا بَيَّنَّا فِي السَّوَائِمِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِالْمَالِكِ فِي الْعُشْرِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ بِالْخَارِجِ حَتَّى يَجِبَ الْعُشْرُ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي لَا مِلْكَ لَهَا، ثُمَّ الْعُشْرُ يَجِبُ فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ سَيْحًا فَأَمَّا مَا سُقِيَ بِغَرْبٍ، أَوْ دَالِيَةٍ، أَوْ سَانِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ، أَوْ دَالِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا سُقِيَ بَعْلًا، أَوْ سَيْحًا فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالرِّشَاءِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَعَلَّلَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِيمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ، أَوْ دَالِيَةٍ وَقَالُوا لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ تَأْثِيرٌ فِي نُقْصَانِ الْوَاجِبِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَإِنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ الْخُمُسَ فِي الْغَنَائِمِ وَالْمُؤْنَةُ فِيهَا أَعْظَمُ مِنْهَا فِي الزِّرَاعَةِ وَلَكِنَّ هَذَا تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ فَنَتْبَعُهُ وَنَعْتَقِدُ فِيهِ
الْمَصْلَحَةَ
وَإِنْ لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا عُشْرَ إلَّا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْخَاصِّ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْوَسْقِ لِلنِّصَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَسْقِ.
(قَالَ): وَإِذَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ طَعَامًا وَعَلَى صَاحِبِهَا دَيْنٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْعُشْرُ، وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَعْدِمُ غِنَى الْمَالِكِ بِمَا فِي يَدِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ غِنَى الْمَالِكِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِإِيجَابِ الْعُشْرِ
(قَالَ): وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمُكَاتَبٍ، أَوْ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ وَجَبَ الْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا شَيْءَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْمُكَاتَبِ وَالْعُشْرُ عِنْدَهُ قِيَاسُ الزَّكَاةِ لَا يَجِبُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْمَالِكِ أَمَّا عِنْدَنَا فَالْعُشْرُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ كَالْخَرَاجِ وَالْمُكَاتَبُ وَالْحُرُّ فِيهِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْخَارِجُ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الرِّبَاطَاتِ وَالْمَسَاجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute