للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ - فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا شَرَطَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا تَصَرَّفَ هُنَا فِيمَا لَا حَقَّ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَلِوَرَثَتِهِ وَهُوَ مَنَافِعُ بَدَنِهِ. [أَلَا تَرَى] أَنَّهُ لَوْ أَعَانَهُ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ وَلَمْ يَشْرِطْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا مِنْهُ؟ فَفِي اشْتِرَاطِهِ جُزْءًا مِنْ الْخَارِجِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ - وَإِنْ قَلَّ - مَنْفَعَةُ غُرَمَائِهِ وَوَرَثَتِهِ.

وَلَوْ دَفَعَ الْمَرِيضُ إلَى رَجُلٍ زَرْعًا لَهُ فِي أَرْضٍ لَمْ يُسْتَحْصَدْ، أَوْ كُفُرَّى فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ، أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ حِينَ طَلَعَ وَلَكِنَّهُ أَخْضَرُ، وَلَمْ يَبْلُغْ بَعْدُ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ بِالنِّصْفِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ حَتَّى بَلَغَ ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُ - فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حِصَّةِ الْعَامِلِ يَوْمَ قَامَ عَلَيْهِ فَزَادَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ شَرِيكًا عِنْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُعَامَلَةَ إيجَابُ الشَّرِكَةِ فِيمَا يَحْصُلُ بِعَمَلِهِ، وَأَوَّلُ أَحْوَالِ ذَلِكَ حِينَ تَظْهَرُ زِيَادَةٌ مِنْ عَمَلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ كَانَ لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِهِ وَقْتَ الْقِسْمَةِ وَثُلُثُ التَّرِكَةِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدَ وَرَثَتِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَرَثَتِهِ وَكَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ ضَرَبَ الْعَامِلُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا مَعَ الْغُرَمَاءِ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَهَذَا فِي التَّخْرِيجِ وَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ سَوَاءٌ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْمَرِيضُ رَجُلًا يَخْدُمُهُ هَذِهِ السَّنَةَ بِجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَلَمَّا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ لَمْ يَخْدُمْهُ حَتَّى زَادَتْ الْأَمَةُ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِ الْأَجِيرِ فَخَدَمَهُ السَّنَةَ كُلَّهَا، وَدَفَعَ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْأَجِيرِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا - فَلِلْأَجِيرِ مِنْ الْجَارِيَةِ وَأَوْلَادِهَا مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِهِ وَالثُّلُثُ مِمَّا يَبْقَى بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، فَمَا زَادَ يَكُونُ عَلَى مِلْكِ الْمَرِيضِ، وَتُجْعَلُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ كَالْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَتَمَكَّنُ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ بِهَذَا الطَّرِيقِ حِينَ سَلَّمَ الْجَارِيَةَ إلَيْهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْخِدْمَةِ وَحُدُوثِ الزِّيَادَةِ؛ فَإِنَّمَا السَّالِمُ لَهُ مِنْهَا وَمِنْ أَوْلَادِهَا مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِهِ عِوَضًا عَنْ الْخِدْمَةِ، وَالثُّلُثُ مِمَّا يَبْقَى بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ أُعْطِيَ وَصِيَّةً مِنْ الْجَارِيَةِ.

فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لَهُ مِنْ أَوْلَادِهَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ الْجَارِيَةَ أَصْلٌ وَالْأَوْلَادَ تَبَعٌ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي الْوَصَايَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُقَالُ لَهُ: أَدِّ قِيمَةَ مَا بَقِيَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَرُدَّ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا وَيَكُونُ لَك أَجْرُ مِثْلِك فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ عَيْبُ التَّبْعِيضِ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ، وَلَكِنْ إذَا رَدَّهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمُحَابَاةِ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ وَقَدْ بَطَلَ الْعَقْدُ بِالرَّدِّ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَرُدَّهَا أَعْطَى الْوَرَثَةَ قِيمَةَ مَا بَقِيَ لِإِزَالَةِ الْمُحَابَاةِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْوَرَثَةِ، وَبِرَدِّ الْقِيمَةِ يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهُمْ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ فِي الرَّدِّ لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>