يَرْضَ بِالْتِزَامِهَا فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِذَلِكَ.
وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ حِينَ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ دَفَعَهَا الْمَرِيضُ إلَى الْأَجِيرِ فَلَمْ يَخْدُمْ الْأَجِيرُ حَتَّى زَادَتْ فِي يَدِهِ وَصَارَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ ثُمَّ خَدَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَمَّتْ السَّنَةُ، وَمَاتَ الْمَرِيضُ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ أَوْلَادًا - فَالْجَارِيَةُ وَجَمِيعُ أَوْلَادِهَا لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ قَدْ مَلَكَهَا وَلَيْسَ فِيهَا فَضْلٌ فَتَمَّ مِلْكُهُ فِي جَمِيعِهَا لِانْعِدَامِ الْمُحَابَاةِ، ثُمَّ الزِّيَادَةُ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكٍ تَامٍّ لَهُ فَيَكُونُ سَالِمًا لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَجِيرُ أَحَدَ وَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدًا أَوْ زَوْجَةً فَرَدَّ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ عَلَى الْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَسْتَوْجِبُونَ الْأَجْرَ بِهَذَا الْعَقْدِ فَتَثْبُتُ هِيَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ بِسَبَبٍ بَاطِلٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ الزِّيَادَةِ، بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ وَالزَّوْجَةَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِمَا دَيْنًا بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَرَثَتِهِ وَكَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَا فَضْلَ فِيهَا عَنْ أَجْرِ مِثْلِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا الْأَجِيرُ قُسِّمَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَهُ، وَيَضْرِبُ فِي ذَلِكَ الْأَجِيرُ بِقِيمَتِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ لَا مُحَابَاةٌ فِي تَصَرُّفِهِ هُنَا؛ وَلَكِنْ فِيهِ تَخْصِيصُ الْأَجِيرِ بِقَضَاءِ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ وَذَلِكَ يُرَدُّ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ حَدَثَ عَلَى مِلْكٍ صَحِيحٍ لَهُ؛ فَلِهَذَا ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقِيمَتِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا، فَمَا أَصَابَهُ كَانَ لَهُ فِي الْجَارِيَةِ، وَمَا أَصَابَ الْغُرَمَاءَ قِيلَ لَهُ: أَدِّ قِيمَةَ ذَلِكَ إلَى الْغُرَمَاءِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَالِيَّةِ لَا فِي الْعَيْنِ، وَبِأَدَاءِ الْقِيمَةِ يَصِلُ إلَيْهِمْ كَمَالُ حَقِّهِمْ وَيَنْدَفِعُ عَنْهُ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ، فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا فَقُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ، يَضْرِبُ الْغُرَمَاءُ بِدَيْنِهِمْ وَيَضْرِبُ الْأَجِيرُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَبَى ذَلِكَ تَعَذَّرَ رَدُّهَا بِسَبَبِ عَيْبِ التَّبْعِيضِ أَوْ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ زِيَادَةِ مَالٍ لَمْ يَرْضَ بِالْتِزَامِهِ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَالْأُجْرَةُ إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا فَرُدَّتْ بِالْعَيْبِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَتَبْقَى الْمَنْفَعَةُ مُسْتَوْفَاةً بِحُكْمِ عَقْدٍ قَدْ انْفَسَخَ فَيَكُونُ رُجُوعُهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ؛ فَلِهَذَا يَضْرِبُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ.
وَفِي هَذَا نَوْعُ إشْكَالٍ: فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ بَعْدَ تَمَامِ الْمِلْكِ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَيَبْقَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَكِنْ يَغْرَمُ لِلْغُرَمَاءِ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الزِّيَادَةُ إنَّمَا تَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا لَمْ يَجِبْ رَدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ رَدِّ الْأَصْلِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ هُنَا، فَإِنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ ثَابِتٌ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُمْ فِيهِ بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ السَّبَبِ وَخُلُوِّهِ عَنْ الْمُحَابَاةِ - فَقَدْ ثَبَتَ حَقُّهُمْ فِيهِ بِبُطْلَانِ تَخْصِيصِ الْأَجِيرِ بِإِيفَاءِ حَقِّهِ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِمْ.
وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا الْأَجِيرُ فَضْلٌ عَنْ أَجْرِ مِثْلِهِ، وَكَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَقَعَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute