للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَحْتَاجُ إلَى حِفْظٍ وَلَا إلَى سَقْيٍ وَلَا عَمَلَ غَيْرُ التَّلْقِيحِ - فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْخَارِجُ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْعَامِلِ بِالشَّرْطِ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَيَكُونُ مُسْتَحَقًّا عَلَى رَبِّ النَّخْلِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَذِكْرُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ سَوَاءٌ. وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَقْيٍ وَلَكِنْ لَوْ سُقِيَ كَانَ أَجْوَدَ لِثَمَرَتِهِ إلَّا أَنَّ تَرْكَهُ لَا يَضُرُّهُ - فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ صِفَةُ السَّلَامَةِ فِي الْعِوَضِ، فَأَمَّا صِفَةُ الْجَوْدَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ، فَلَا يَكُونَ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ شَيْءٌ مِنْ الْعَمَلِ هُنَا.

وَإِنْ كَانَ تَرْكُ السَّقْيِ يَضُرُّهُ وَيُفْسِدُ بَعْضَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ كُلُّهُ - فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ بِمُطْلَقِ الْمُعَاوَضَةِ يَسْتَحِقُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ عَنْ الْعَيْبِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الْعَامِلِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ بِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ وَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ صِفَةُ السَّلَامَةِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ تَرَكَ اشْتِرَاطَ التَّلْقِيحِ عَلَيْهِ وَقَدْ اشْتَرَطَ مَا سِوَاهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ تَرْكَ التَّلْقِيحِ يَضُرُّهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ النَّخِيلَ إذَا لَمْ يُلَقَّحْ أَحْشَفَ التَّمْرُ، فَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ وَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ صِفَةُ السَّلَامَةِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ عَمَلٍ لَا يَصْلُحُ النَّخْلُ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْعَامِلِ. وَلَوْ كَانَ النَّخْلُ نَخْلًا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّلْقِيحِ، وَكَانَ بِحَيْثُ يَحْصُلُ ثَمَرُهُ بِغَيْرِ تَلْقِيحٍ إلَّا أَنَّ التَّلْقِيحَ أَجْوَدُ لَهُ - فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ يَسْتَحِقُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ لَا صِفَةَ الْجَوْدَةِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ النَّخْلَ مُلَقَّحًا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْحِفْظَ وَالسَّقْيَ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ النَّخْلِ وَالْعَامِلِ إنَّمَا تُشْتَرَطُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلَافِ مَا إذَا دُفِعَ إلَيْهِ غَيْرَ مُلَقَّحٍ، وَاشْتِرَاطُ التَّلْقِيحِ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ تَنْعَدِمُ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَمَا يُلَقِّحُهُ صَاحِبُ النَّخْلِ، وَالْمُعَامَلَةُ تَلْزَمُ بِنَفْسِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَاشْتِرَاطُ مَا يُفَوِّتُ مُوجَبَهَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَفِي الْأَوَّلِ التَّلْقِيحُ مِنْ رَبِّ النَّخْلِ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَمَا هُوَ مُوجَبُ الْعَقْدِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالنَّخْلِ عَقِيبَ الْعَقْدِ مَوْجُودٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَا أَنْ يُلَقِّحَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ يَحْفَظَهُ الْعَامِلُ وَيَسْقِيَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ، فَالشَّرْطُ مُفَوِّتٌ مُوجَبَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ فَرَاغِ صَاحِبِ النَّخْلِ مِنْ التَّلْقِيحِ - فَذَلِكَ مَجْهُولٌ لَا يَدْرِي يُعَجِّلُهُ صَاحِبُ النَّخْلِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ، وَالْجَهَالَةُ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ مُفْسِدَةٌ لِلْمُعَامَلَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يُلَقِّحَهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ صَاحِبُ النَّخْلِ عَلَى أَنْ يَحْفَظَهُ الْعَامِلُ وَيَسْقِيَهُ مِنْ غُرَّةِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ - فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ هُنَا فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَالْمُعَامَلَةُ عَقْدُ إجَارَةٍ فَتَجُوزُ إضَافَتُهَا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

وَلَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَاشْتَرَطَ التَّلْقِيحَ وَالسَّقْيَ عَلَى الْعَامِلِ وَالْحِفْظَ عَلَى رَبّ النَّخْلِ - لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَعْدَمُ التَّخْلِيَةَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>