للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعِ مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ، فَالْحِفْظُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا الْآنَ لِدَرْكِ الثِّمَارِ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ فَتَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ الشُّرُوطِ مَا يَكُونُ مُفِيدًا، فَأَمَّا مَا لَا يُفِيدُ فَالذِّكْرُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ سَوَاءٌ. وَلَوْ اشْتَرَطَ التَّلْقِيحَ وَالْحِفْظَ عَلَى الْعَامِلِ وَالسَّقْيَ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَعْدَمُ التَّخْلِيَةَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ يَصْلُحُ بِغَيْرِ سَقْيٍ إلَّا أَنَّ السَّقْيَ أَفْضَلُ لَهُ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا لِأَنَّ صِفَةَ الْجَوْدَةِ تُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ تَحْصُلُ بِمَا شُرِطَ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ اعْتِبَارِهِ، وَإِنْ كَانَ السَّقْيُ لَا يَزِيدُ فِيهِ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّهُ تَرْكُهُ فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الشَّرْطِ فَائِدَةٌ، فَذِكْرُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ سَوَاءٌ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذِهِ السَّنَةَ فَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ سَقْيًا وَلَا حِفْظًا: فَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا يَسْقِيهَا السَّمَاءُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى سَقْيٍ وَلَا حِفْظٍ مِثْلَ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ وَنَحْوِهَا - فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ عَلَى شَرْطِهِمَا؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْخَارِجُ قَدْ شُرِطَ عَلَى الْمُزَارِعِ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْعَمَلِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَحَقًّا عَلَى وَاحِدٍ.

وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْحِفْظِ وَالسَّقْيِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا الْعَمَلُ الْمَشْرُوطُ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْخَارِجُ يَكُونُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ. وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لَا يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ وَلَكِنَّهُ لَوْ سُقِيَ كَانَ أَجْوَدَ لَهُ - فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، لِأَنَّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ يَسْتَحِقُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ لَا نِهَايَةَ الْجَوْدَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْجَوْدَةِ تُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ. وَإِنْ كَانَ إذَا تَرَكَ السَّقْيَ هَلَكَ بَعْضُهُ وَخَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا عَامِرًا عَطْشَانَ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ يَسْتَحِقُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْعَامِلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَحَقًّا عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ.

وَلَوْ اشْتَرَطَ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا الْحِفْظَ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَهُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ - فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ بِهَذَا الشَّرْطِ تَنْعَدِمُ التَّخْلِيَةُ. وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ السَّقْيَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ. وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَبْذُرَهُ كَانَ هَذَا فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ، فَالتَّخْلِيَةُ تَنْعَدِمُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْبَذْرِ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ السَّقْيَ وَالسَّقْيُ لَوْ تُرِكَ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَكِنَّهُ أَجْوَدُ لِلزَّرْعِ إنْ سُقِيَ - فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْجَوْدَةِ تُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ السَّقْيُ لَا يَزِيدُهُ خَيْرًا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِرَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَطَرُ رُبَّمَا قَلَّ فَزَادَ الزَّرْعُ وَرُبَّمَا كَثُرَ فَلَمْ يَزِدْهُ السَّقْيُ خَيْرًا - لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُعْتَبَرٌ مُقَيَّدٌ مِنْ وَجْهٍ.

وَالْأَصْلُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>