للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرَائِطِ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا إلَّا عِنْدَ التَّيَقُّنِ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْفَائِدَةِ، وَيَبْقَى هُنَا مُوجَبُ اعْتِبَارِ الشَّرْطِ، وَبِاعْتِبَارِهِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ. وَإِذَا بَذَرَ الرَّجُلُ فَلَمْ يَنْبُتْ شَيْءٌ حَتَّى دَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَسْقِيَهُ وَيَحْفَظهُ فَمَا خَرَجَ مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ - فَهُوَ جَائِزٌ لِوُجُودِ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ عَقِيبَ الْعَقْدِ.

وَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبْذُرَهَا عَلَى أَنْ يَبْذُرَهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَيَسْقِيَهَا الْمُزَارِعُ وَيَحْفَظَهَا - فَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ، وَالتَّخْلِيَةُ تَنْعَدِمُ إلَى أَنْ يَبْذُرَهَا رَبُّ الْأَرْضِ. وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ اشْتَرَطَ لَهُ أَنْ يَبْذُرَ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ الزَّرْعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَسْقِيَهُ - لَمْ يَجُزْ أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُمَا أَضَافَا الْعَقْدَ إلَى وَقْتِ فَرَاغِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْبَذْرِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَقَدْ يُعَجِّلُ رَبُّ الْأَرْضِ الْبَذْرَ وَقَدْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ، وَجَهَالَةُ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ تُفْسِدُ الْعَقْدَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَزْرَعَ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَلَى أَنْ يَحْفَظَهُ الْعَامِلُ وَيَسْقِيَهُ مِنْ غُرَّةِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ - فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُمَا أَضَافَا الْعَقْدَ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ بَعْدَ مَجِيءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالتَّخْلِيَةُ تُوجَدُ عَقِيبَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ.

وَلَوْ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْمُزَارِعِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي طَرْحَ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ رَبُّ الْأَرْضِ وَاشْتَرَطَا لِذَلِكَ وَقْتًا يَكُونُ السَّقْيُ وَالْحِفْظُ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطَا - فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مُؤَاجِرٌ لِأَرْضِهِ، وَالْعَقْدُ يَلْزَمُ مِنْ جَانِبِهِ بِنَفْسِهِ فَيُلْزِمُهُ تَسْلِيمَ الْأَرْضِ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ طَرْحَ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ فَهَذَا شَرْطٌ يَعْدَمُ التَّخْلِيَةَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ إنَّمَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْبَذْرِ بَعْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ فَيَكُونُ إضَافَةَ الْمُزَارَعَةِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ يَدْخُلُ عَلَى هَذَا الْحَرْفِ الْمُعَامَلَةُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِنَفْسِهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْجَوَابَ فِيهَا وَفِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ - سَوَاءٌ.

فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتِرَاطُ طَرْحِ الْبَذْرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ - غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ، وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ فَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَا طَرْحَ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ الْحِفْظَ وَالسَّقْيَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَهَذَا شَرْطٌ يَعْدَمُ التَّخْلِيَةَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْحِفْظَ وَالسَّقْيَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَدَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِالنِّصْفِ - جَازَ وَكَانَ السَّقْيُ وَالْحِفْظُ عَلَى الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إنَّمَا أَجَّرَ أَرْضَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا الْعَمَلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْخَارِجُ عَلَى الْمُزَارِعِ، فَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاطِ عَلَى الْمُزَارِعِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ.

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ بِالنِّصْفِ فَزَرَعَهَا، فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا بَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ أَوْ لَمْ يُسَمِّ زَرْعَهَا - فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ مُسْتَأْجِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>