للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَجَّرَ الشِّرْبَ إجَارَةً فَاسِدَةً أَوْ رَهَنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ أَوْ أَعَارَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَزَرَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْأَرْضَ أَوْ سَقَى بِالشِّرْبِ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَهَذَا كُلُّهُ قَطْعٌ لِلْخِيَارِ؛ لِأَنَّ مَا بَاشَرَ مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْمَالِكُ عَادَةً فَإِقْدَامُهُ عَلَيْهِ دَلِيلُ الرِّضَا بِمِلْكِهِ.

وَلَوْ اشْتَرَى رَحَا مَاءٍ بِنَهْرِهَا، وَالْبَيْتَ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَمَتَاعَهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَإِنْ طَحَنَ بِهَا لَمْ يَكُنْ رِضًا بِهَا؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ لِلِاخْتِبَارِ لَا لِلِاخْتِيَارِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ أَنَّهُ يَنْظُرُ هَلْ يَتِمُّ مَقْصُودُهُ بِهَا أَوْ لَا يَتِمُّ، وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إلَّا بِالطَّحْنِ فَهُوَ نَظِيرُ الِاسْتِخْدَامِ فِي الْمَمَالِيكِ، وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِلنَّظَرِ إلَى سَيْرِهَا فَإِنْ نَقَصَهَا الطَّحْنُ أَوْ انْكَسَرَتْ فَهَذَا رِضًا مِنْهُ بِسَبَبِ التَّعَيُّبِ فِي ضَمَانِهِ لَا بِسَبَبِ الطَّحْنِ.

وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا، وَشِرْبًا، وَقَالَ لِي الرِّضَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ رَضِيتُ أَجَزْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُ تَرَكْتُ، أَوْ قَالَ: لِي الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ.

وَإِذَا بَاعَ أَرْضًا، وَشِرْبًا بِجَارِيَةٍ، وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ مَعَ الْجَارِيَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا رِضًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَبَّلَ الْجَارِيَةَ أَوْ جَامَعَهَا أَوْ عَرَضَهَا عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مُتَعَيِّنَةٌ فِي الْعَقْدِ فَإِقْدَامُهُ عَلَى تَصَرُّفٍ فِيهَا هُوَ دَلِيلُ الرِّضَا بِمِلْكِهَا، وَيَكُونُ إسْقَاطًا لِلْخِيَارِ فَأَمَّا الْمِائَةُ الَّتِي قَبَضَهَا فَغَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ فِي الْعَقْدِ (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ كَانَ لِمُشْتَرِي الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهَا، وَإِنَّهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الْمَقْبُوضِ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا دَلِيلَ الرِّضَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ فَكَانَ عَلَى خِيَارِهِ بَعْدَ إنْفَاقِهَا.

وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا، وَشِرْبًا، وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي الْأَرْضِ دُونَ الشِّرْبِ أَوْ فِي الشِّرْبِ دُونَ الْأَرْضِ فَهَذَا بَيْعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ، وَالثَّمَنَ جُمْلَةٌ، وَاَلَّذِي لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ فِيهِ يَتِمُّ الْبَيْعُ فِيهِ، وَثَمَنُهُ مَجْهُولٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ التَّاجِرُ أَرْضًا، وَشِرْبًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَنَقَضَ مَوْلَاهُ الْبَيْعَ أَوْ أَجَازَهُ فَنَقْضُهُ بَاطِلٌ سَوَاءً كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ خَاصٌّ فِي إذْنٍ عَامٍّ، وَإِجَازَتُهُ تَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُهُ (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَيَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْعَبْدِ لَا مَحَالَةَ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ مِنْهُ إسْقَاطُ خِيَارِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ كَسْبِهِ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمُسْقِطِ لِخِيَارِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ خِيَارِهِ فِيهِ قَصْدًا.

وَإِنْ كَانَ نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَهُمْ عَلَيْهِ أَرْضُونَ، وَلِبَعْضِ أَرْضِهِمْ سَوَانِي فِي ذَلِكَ النَّهْرِ، وَلِبَعْضِهَا دَوَالِي، وَبَعْضِهَا لَيْسَتْ لَهَا سَاقِيَّةٌ، وَلَا دَالِيَةٌ، وَلَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مَعْرُوفٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَاخْتَصَمُوا فِي هَذَا النَّهْرِ، وَادَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>