للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَفِيمَا اشْتَرَى لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ فَإِنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ.

وَلَوْ اشْتَرَى بِئْرًا، وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَبَضَهَا فَانْخَسَفَتْ أَوْ انْهَدَمَتْ أَوْ ذَهَبَ مَاؤُهَا أَوْ نَقَصَ نُقْصَانًا فَاحِشًا لَزِمَهُ الْبَيْعُ لِتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ يَمْلِكُ الرَّدَّ كَمَا قَبَضَ، وَلَا يَمْلِكُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِالْبَائِعِ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ مُتَغَيِّرًا، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ كَمَا قَبَضَ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَذَهَبَ مَاؤُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ، وَأَخَذَ قِيمَةَ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّبَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْبَائِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ خِيَارِهِ، وَإِذَا فَسَخَ الْبَيْعَ بَقِيَتْ مَضْمُونَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ، وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْقَبْضِ بِجِهَةِ الْعَقْدِ فَلِهَذَا ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَبَنَاهَا، وَطَوَاهَا حَتَّى عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَهُوَ مَسْقِطٌ لِلْخِيَارِ فَكَيْف يَعُودُ بِهِ خِيَارُهُ الَّذِي سَقَطَ.

وَإِذَا اشْتَرَى بِئْرًا، وَحَرِيمَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَفِي حَرِيمِهَا كَلَأٌ فَأَرْعَاهَا الْغَنَمَ، وَأَبَانَهَا فِي عَطَنِ الْبِئْرِ لَمْ يَكُنْ هَذَا رِضًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَقَى مِنْهَا غَنَمًا لَهُ أَوْ أَبَانَهَا فِي الْعَطَنِ؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْكَلَإِ شَرْعًا لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ فَقَدْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَبَعْدَ فَسْخِ الْبَيْع بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي حَرِيمِهَا أَوْ بَنَى فِيهَا فَإِنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَيَكُونُ إقْدَامُهُ عَلَيْهِ دَلِيلَ الرِّضَا.

وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَجَرٌ مِمَّا تُنْبِتُهُ النَّاسُ فَأَفْسَدَتْهُ الْغَنَمُ أَوْ قَلَعَتْهُ كَانَ هَذَا مُلْزِمًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِخِيَارِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ.

وَلَوْ هَدَمَ الْبِئْرَ إنْسَانٌ فَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْهَدْمِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ قَطْعًا لِلْخِيَارِ؛ لِأَنَّ قَبْلَ التَّضْمِينِ سَقَطَ خِيَارُهُ لِلتَّعْنِيتِ، وَالتَّضْمِينُ تَصَرُّفٌ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ بِهِ مَا سَقَطَ مِنْ الْخِيَارِ، وَكَرِي النَّهْرِ، وَكَسْرُ الْبِئْرِ رِضًا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الْمِلْكِ عَلَى قَصْدِ الْإِصْلَاحِ فَهُوَ كَالْبِنَاءِ، وَالْحَفْرِ فِي الْقَنَاةِ، وَإِنْ، وَقَعَ فِي الْبِئْرِ مَا يُنَجِّسُهُ مِنْ عُذْرَةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ عُصْفُورٍ أَوْ فَأْرَةٍ فَمَاتَتْ فَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ سَوَاءً، وَجَبَ نَزْحُ جَمِيعِ الْمَاءِ أَوْ نَزْحُ بَعْضِ الدِّلَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ تَنَجَّسَ بِمَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ قَبْلَ النَّزْحِ مِنْهُ فَالنَّجَاسَةُ فِي الْمَاءِ عَيْبٌ فِي الْعُرْفِ، وَالتَّعَيُّبُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مُسْقِطٌ لِخِيَارِهِ.

وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ نَهْرًا لِيَسْقِيَ مِنْهُ بِهِ أَرْضَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ سَقَى بِهِ أَرْضَهُ فَهَذَا قَطْعٌ لِلْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ إنَّمَا سَقَى بِهِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ لَا بِحُكْمِ الِاسْتِعَارَةِ فَإِنَّ الْإِعَارَةَ تَنْقَطِعُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ الثَّابِتِ فِي حَقِّهِ فَتُقَدَّمُ الِاسْتِعَارَةُ وُجُودًا، وَعَدَمًا بِمَنْزِلَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الشِّرْبَ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ سَاوَمَ بِهِ أَوْ أَجَّرَهُ إجَارَةً صَحِيحَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>