للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلُّهُ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، وَعَلَى الْمُكْرِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتْلِفًا الْمِلْكَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا ضَمِنَ نَصِيبَ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ نَصِيبِهِ، وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُكْرَهِ إتْلَافُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ قَصْدًا، وَلَكِنَّهُ تَعَدَّى إلَيْهِ التَّلَفُ حُكْمًا، فَيَكُونُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ شَرِيكِ الْمُعْتِقِ، وَالْمُعْتِقُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ.

أَمَّا عَلَى الْعَبْدِ، فَلِأَنَّهُ سَعَى فِي بَدَلِ مَا سُلِّمَ لَهُ، وَأَمَّا الْمُكْرِهِ، فَلِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَالْمُكْرِهُ ضَامِنٌ لِنَصِيبِ الْمُكْرَهِ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا، وَفِي نَصِيبِ السَّاكِتِ إنْ كَانَ الْمُكْرِهُ مُوسِرًا، فَالسَّاكِتُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ فِي نَصِيبِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ بِهَذَا النِّصْفِ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَاسْتَسْعَاهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ السَّاكِتِ فِي ذَلِكَ، وَصَارَ مُتَمَلِّكًا لِنَصِيبِهِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُكْرَهِ، وَالْمُكْرِهِ نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكْرِهُ مُعْسِرًا، فَلِلسَّاكِتِ حَقُّ الِاسْتِسْعَاءِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمُكْرَهِ نِصْفَانِ لِأَنَّهُ عَتَقَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِهِ.

، وَلَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَانَتْ مِنْهُ لِمَا قُلْنَا، وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مَهْرًا، وَالْمُتْعَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلْزَمهُ ذَلِكَ الْمَالَ حُكْمًا، فَإِنَّ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مُسْقِطٌ لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ إلَّا إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مُضَافٍ إلَى الزَّوْجِ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ نِصْفُ الصَّدَاقِ بِالنَّصِّ، وَالْمُكْرِهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْفُرْقَةَ مُضَافَةً إلَى الزَّوْجِ بِإِكْرَاهِهِ، فَكَأَنَّهُ أَلْزَمَ الزَّوْجَ ذَلِكَ الْمَالَ، أَوْ فَوَّتَ يَدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ كَالْغَاصِبِ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَضْمَنُ شَاهِدًا الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ.

، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ كُلَّهُ تَقَرَّرَ عَلَى الزَّوْجِ بِالدُّخُولِ، وَالْمُكْرِهِ إنَّمَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ مِلْكَ النِّكَاحِ، وَمِلْكُ النِّكَاحِ لَا يَتَقَوَّمُ بِالْإِتْلَافِ عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَنَا، وَلِهَذَا لَا نُوجِبُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ ضَمَانًا عِنْدَ الرُّجُوعِ، وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ لِمَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْبُضْعَ مَضْمُونًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا هُوَ مَضْمُونٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْبِضْعُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا

<<  <  ج: ص:  >  >>