للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَبَبٍ فَاسِدٍ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِنُقْصَانِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّ تَلَفَ هَذَا الْجُزْءِ حَصَلَ بِقَبُولِ الْمُدَبَّرِ عَنْهُ، وَهُوَ كَانَ مُلْجَأً إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى مُلْجَأً بِالْإِكْرَاهِ بِالْحَبْسِ.

وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ التَّدْبِيرِ عَلَى الْمُكْرِهِ يَكُونُ لِلْمُدَبَّرِ عَنْهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَيَدْفَعُهُ إلَى الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ التَّدْبِيرِ هُنَا كَجَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ الْمُعْتَقَ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِي الْقِيمَةَ، فَيَدْفَعُهَا إلَى الْمُكْرَهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُدَبَّرِ عَنْهُ، ثُمَّ صَارَ مُدَبَّرًا، وَالْمَوْلَى كَانَ مُكْرَهًا مِنْ جِهَةِ الْمُكْرِهِ بِالْحَبْسِ، وَبِالْإِكْرَاهِ بِالْحَبْسِ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْإِكْرَاهِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، وَذَلِكَ إنَّمَا وُجِدَ بَيْنَ الْمُكْرَهِ، وَالْمُدَبَّرِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَوْ أَكْرَهَهُمَا بِالْبَيْعِ، وَالْقَبْضِ، وَأَكْرَهَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى التَّدْبِيرِ، فَهُوَ فِي التَّخْرِيجِ نَظِيرُ مَا سَبَقَ.

، وَلَوْ أَكْرَهَهُمَا بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَتَبَايَعَا، وَيَتَقَابَضَا، ثُمَّ أَكْرَهَ الْمُشْتَرِيَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ عَمْدًا بِالسَّيْفِ، فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْتُلَ الْمُكْرِهَ بِعَبْدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْقَبُولِ، وَالْقَبْضِ، وَالْقَتْلِ كَانَ مُلْجَأً مِنْ جِهَةِ الْمُكْرِهِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ لَهُ، وَيُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْمُكْرِهَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، فَقَالَ: عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا، وَإِنْ كَانَا مُكْرَهَيْنِ، فَالْمُشْتَرِي صَارَ مَالِكًا بِالْقَبْضِ ثُمَّ قَتْلُهُ صَادَفَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ طَائِعًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِصَاصُ، فَلَوْ قَتَلَهُ مُكْرَهًا لَا يَكُونُ قَتْلُهُ أَيْضًا مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ لِمَعْنًى، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِهَذَا الْقَوَدِ مُسَبِّبُهُ، فَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَبْدَ صَارَ مِلْكَ الْمُشْتَرِي الْقَوَدُ يَجِبُ لَهُ، وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي حُكْمِ الْإِتْلَافِ الْحَاصِلِ بِقَبُولِهِ، وَقَبْضِهِ، وَقَتْلِهِ آلَةٌ لَلْمُكْرَهِ الْقَوَدُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ، وَعِنْدَ اشْتِبَاهِ الْمُسْتَوْفِي يَمْتَنِعُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ كَالْمُكَاتِبِ إذَا قُتِلَ عَنْ وَفَاءٍ، وَلَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى، وَإِذَا سَقَطَ الْقَوَدُ لِلشُّبْهَةِ وَجَبَ ضَمَانُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّكَلُّمَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ مَنْسُوبًا إلَى الْمُكْرِهِ، فَتَلَفُ الْمَالِ بِهِ صَارَ مَنْسُوبًا إلَى الْمُكْرِهِ، وَالْمُشْتَرِي فِي الْقَتْلِ، وَالْقَبْضِ كَانَ لَهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الضَّمَانِ بَلْ ضَمَانُ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُكْرِهِ فِي مَالِهِ.

وَلَوْ أَكْرَهَهُمَا بِالْحَبْسِ عَلَى الْبَيْعِ، وَأَكْرَهَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْقَتْلِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، فَلِلْبَائِعِ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِالْحَبْسِ كَانَ فَاسِدًا، وَلَكِنَّ الْقَبْضَ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهُ، فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَهُوَ إنْ كَانَ مُلْجَأً إلَى الْقَتْلِ، فَتَأْثِيرُ الْإِكْرَاهِ فِي انْعِدَامِ الْفِعْلِ فِي جَانِبِهِ، فَكَأَنَّهُ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْتُلَ الَّذِي أَكْرَهَهُ عَلَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ حِينَ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِهِ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، فَيَصِيرُ فِعْلُ الْقَتْلِ مَنْسُوبًا إلَى الْمُكْرِهِ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>