فِيهَا عِنْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ كُلَّهُ
(قَالَ) رَجُل لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهِمْ الْحَوْلُ ثُمَّ ابْتَاعَ بِهَا جَارِيَةً لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا ثَمَانُمِائَةٍ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَلْفِ فَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَابَى فِي الشِّرَاءِ بِقَدْرِ الْمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَصَارَ مُسْتَهْلِكًا مَحَلَّ حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ فَيَضْمَنُ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ وَفِي مِقْدَارِ ثَمَانِمِائَةٍ حَوَّلَ حَقَّهُمْ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ يَعْدِلُهُ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ فِي كَوْنِهَا مَالَ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ هَلَاكُ الْجَارِيَةِ فِي يَدِهِ كَهَلَاكِ الدَّرَاهِمِ، وَهَذَا بِخِلَافِ السَّوَائِمِ فَإِنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَاشْتَرَى بِهَا أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ ثُمَّ هَلَكَتْ الْغَنَمُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي السَّوَائِمِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ فَإِنَّمَا النَّمَاءُ مَطْلُوبٌ مِنْ عَيْنِهَا وَالْعَيْنُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَوْ وُجِدَ مِنْهُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ بِهِ الْحَوْلُ فَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا ضَامِنًا لِلزَّكَاةِ وَهُنَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الدَّرَاهِمِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَالنَّمَاءُ مَطْلُوبٌ بِالتَّصَرُّفِ وَلِهَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْهُ هَذَا التَّصَرُّفُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَمْ يَنْقَطِعْ بِهِ الْحَوْلُ فَإِذَا وُجِدَ بَعْد كَمَالِ الْحَوْلِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِزَكَاةٍ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ ابْتَاعَ بِالْأَلْفِ جَارِيَةً لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَلْفِ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ بَقِيَتْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا حَقَّ الْفُقَرَاءِ بِتَصَرُّفِهِ فَالْجَارِيَةُ الَّتِي لِلْخِدْمَةِ لَيْسَتْ بِمَالِ الزَّكَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَوْ وُجِدَ مِنْهُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ بِهِ الْحَوْلُ فَإِذَا وُجِدَ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ صَارَ ضَامِنًا لِلزَّكَاةِ
(قَالَ) رَجُلٌ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ لِلتِّجَارَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْأُمِّ بِصِفَتِهَا وَهِيَ عِنْدَهُ لِلتِّجَارَةِ فَوَلَدُهَا كَذَلِكَ ثُمَّ الْمُسْتَفَادُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ يُضَمُّ إلَى أَصْلِ النِّصَابِ بِعِلَّةِ الْمُجَانَسَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلَّدًا مِنْ الْأَصْلِ فَالْمُتَوَلَّدُ أَوْلَى فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا، وَلَا يُزَكِّي وَلَدَهَا لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ انْتَهَى قَبْلَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا يَسْرِي مِنْ الْأَصْلِ إلَى الْوَلَدِ مَا كَانَ قَائِمًا لَا مَا كَانَ مُنْتَهِيًا.
أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّقَّ يَنْتَهِي بِالْعِتْقِ فَالْوَلَدُ الَّذِي يَنْفَصِلُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يَكُونُ رَقِيقًا، وَلَا لَنَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَالٍ اسْتَفَادَهُ مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إلَّا بِاعْتِبَارِ حَوْلٍ جَدِيدٍ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا وَلَدَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ حُدُوثَ الْوَلَدِ كَانَ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ حُكْمُ الْحَوْلِ قُلْنَا نَعَمْ لَكِنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْوَلَدِ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ عَيْنِهِ وَصِفَةُ الْمَالِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute