للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَبْقَى أَصْلُ نِيَّةِ الصَّدَقَةِ.

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ جَارِيَةٌ لِلتِّجَارَةِ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ إلَّا يَوْمًا ثُمَّ اعْوَرَّتْ فَتَمَّ الْحَوْلُ، وَهِيَ كَذَلِكَ قَالَ: يُزَكِّيهَا عَوْرَاءَ وَمُرَادُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الْعَوَرِ نِصَابًا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ دُونَ النِّصَابِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بِالْعَوَرِ فَاتَ نِصْفُهَا، وَكَمَالُ النِّصَابِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُعْتَبَرٌ لِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا مَعَ الْعَوَرِ نِصَابًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا عَوْرَاءَ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ مِنْهَا قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ يَصِيرُ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ كَمَا لَمْ يَكُنْ فَإِنْ ذَهَبَ الْعَوَرُ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ ذَهَابِ الْعَوَرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَحُكْمُ الزَّكَاةِ لَا يَسْرِي إلَى الزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الْعَوَرِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَتَمَّ الْحَوْلُ، وَهِيَ كَذَلِكَ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَوَرُ لَمْ تَلْزَمْهُ الزَّكَاةُ فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ ذَهَابُ الْعَوَرِ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ لِإِيجَابِ أَصْلِ الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ لِإِيجَابِ أَصْلِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ ذَهَبَ الْعَوَرُ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَتَمَّ الْحَوْلُ، وَهِيَ صَحِيحَةُ الْعَيْنَيْنِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ قِيمَتِهَا صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا حَدَثَتْ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَمِثْلُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يُضَمُّ إلَى أَصْلِ الْمَالِ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ مُتَّصِلَةً كَانَتْ، أَوْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ لَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَضَاعَ أَلْفٌ مِنْهُمَا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْبَاقِيَةِ فَزَكَّاهَا ثُمَّ وَجَدَ الْمَالَ الَّذِي كَانَ ضَاعَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ الْمَالَ الَّذِي ضَاعَ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي ضَاعَ صَارَ تَاوِيًا فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ فَإِذَا وَجَدَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِفَادَةٍ اسْتَفَادَهَا مِنْ جِنْسِ مَالِهِ وَحُكْمُ الزَّكَاةِ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ بِآخِرِ الْحَوْلِ فَإِذَا تَقَرَّرَ حُكْمُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِي الْأَلْفِ لَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَلْفِ الْأُخْرَى شَيْءٌ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَمَّا إذَا وَجَدَهَا قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَإِنَّمَا يُقَرَّرُ حُكْمُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِي أَلْفَيْنِ.

وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ اعْوَرَّتْ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا عَوْرَاءَ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ نِصْفُهَا وَلَوْ هَلَكَتْ كُلُّهَا بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ فَكَذَلِكَ إذَا هَلَكَ الْبَعْضُ فَإِنْ ذَهَبَ الْعَوَرُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ حُكْمُ الزَّكَاةِ فِي قِيمَتِهَا صَحِيحَةً ثُمَّ انْتَقَضَ بِالْخُسْرَانِ الَّذِي لَحِقَهُ، وَقَدْ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْخُسْرَانُ بِذَهَابِ الْعَوَرِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ضَاعَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَزَكَّى مَا بَقِيَ ثُمَّ وَجَدَ الَّذِي كَانَ ضَاعَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ، وَهَذَا الْأَصْلُ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا حَدَثَتْ فِي مَحَلِّ النُّقْصَانِ كَانَتْ جَابِرَةً لِلنُّقْصَانِ وَيَنْعَدِمُ بِهَا النُّقْصَانُ مَعْنًى. يُوَضِّحُهُ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ، وَهِيَ قَدْ عَادَتْ بِذَهَابِ الْعَوَرِ إلَى الْمَالِيَّةِ الْأُولَى الَّتِي تَقَرَّرَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>