للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبِيضَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ نِيَّةِ التَّمْيِيزِ فِيهِمَا فَكَأَنَّهُ قَصَدَ عِنْدَ الْأَدَاءِ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ فَقَطْ فَيُجْعَلُ الْمُؤَدَّى مِنْ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ تَفْرِيغٌ لِلْمَالِ عَنْ حَقِّ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ يَصِيرُ الْمَالُ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَكَانَتْ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ زَكَاةِ الْبِيضِ مُفِيدَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَفْرِيغَ الْبِيضِ دُونَ السُّودِ بِخِلَافِ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي نِيَّةِ التَّمْيِيزِ هُنَاكَ، وَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْبِيضِ بَعْدَ الْوُجُوبِ ثُمَّ هَلَكَتْ الْبِيضُ لَمْ يَكُنْ الْمُؤَدَّى عَنْ السُّودِ، وَلَوْ عَجَّلَ قَبْلَ الْوُجُوبِ ثُمَّ هَلَكَتْ الْبِيضُ، وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى السُّودِ كَانَ الْمُعَجَّلُ مِنْ زَكَاةِ السُّودِ وَاَلَّذِي بَيَّنَّا فِي السُّودِ وَالْبِيضِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا كَانَتْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعِشْرُونَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَبٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَحَدِ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَدَّى بَعْدَ الْوُجُوبِ فَهِيَ فِي جَمِيعِ الْفُصُولِ مِثْلُ مَا سَبَقَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَأَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا عَلَى إنْسَانٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ الْعَيْنِ ثُمَّ ضَاعَتْ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَالْمُعَجَّلُ يُجْزِي عَنْ زَكَاةِ الدَّيْنِ وَلَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْعَيْنِ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ ثُمَّ ضَاعَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُجْزِ الْمُؤَدَّى عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَدَاءِ بَعْدَ الْوُجُوبِ إنَّمَا قَصَدَ تَطْهِيرَ مَالِهِ الْعَيْنِ وَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُهُ فَكَانَ بَقَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَلَاكُهُ سَوَاءً فِي التَّعْجِيلِ وَقَبْلَ الْوُجُوبِ إنَّمَا قَصَدَ إسْقَاطَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ وَأَدَاءُ الْعَيْنِ عَنْ زَكَاةِ الدَّيْنِ جَائِزٌ. وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَجَارِيَةٌ لِلتِّجَارَةِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ مَاتَ الَّذِي عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْهُ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الْآخَرِ فَالْمُعَجَّلُ يُجْزِئُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا زَكَّى أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ مَاتَ الَّذِي زَكَّى عَنْهُ وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ مَاتَ الَّذِي زَكَّى عَنْهُ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ الْبَاقِيَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ عَلَيْهِ نِصْفُ زَكَاةِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ يُجْزِئُ عَنْهُمَا إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِمَا عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ.

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ مِنْهَا قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ وَفِي يَدِهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ إلَّا دِرْهَمًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْوُصُولِ إلَى كَفِّ الْفَقِيرِ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَنِصَابُهُ نَاقِصٌ وَكَمَالُ النِّصَابِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُعْتَبَرٌ لِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَانَ الْمُؤَدَّى تَطَوُّعًا لَا يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَهُ مِنْ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى كَفِّ الْفَقِيرِ بِطَرِيقِ الْقُرْبَةِ فَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ نَوَى أَصْلَ التَّصْدِيقِ وَالصِّفَةِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الصِّفَةِ حِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>