للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَالٍ آخَرَ مَقْصُودًا فَلِهَذَا لَا يُجْزِي الْمُعَجَّلُ حَتَّى لَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ دِرْهَمٌ مِنْ الْمِائَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةَ آلَافٍ فَتَمَّ الْحَوْلُ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَيُجْزِي الْمُعَجَّلُ عَمَّا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ الْحَوْلُ مُنْعَقِدًا بِبَقَاءِ جُزْءٍ مِنْ النِّصَابِ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ اسْتَفَادَ مِنْ جِنْسِهِ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَنِصَابُهُ كَامِلٌ فَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَيُجْزِيهِ الْمُعَجَّلُ عَمَّا يَلْزَمُهُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْحَوْلِ

(قَالَ) وَلَوْ كَانَتْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَضَاعَ نِصْفُهَا بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ فَإِنَّهُ لَوْ ضَاعَ الْكُلُّ يَسْقُطُ عَنْهُ جَمِيعُ الزَّكَاةِ فَإِنْ ضَاعَ النِّصْفُ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ الزَّكَاةِ ثُمَّ هَذَا عَلَى أَصْلِهِمَا وَاضِحٌ فَإِنَّمَا يُوجِبَانِ الْكُسُورَ فِي زَكَاةِ الدَّرَاهِمِ ابْتِدَاءً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُوجِبُ الْكُسُورَ فِي زَكَاةِ الدَّرَاهِمِ ابْتِدَاءً وَلَكِنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ الْكُسُورِ بَعْدَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ كَمَالَ النِّصَابِ مُعْتَبَرٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ

(قَالَ) رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ ثُمَّ ضَاعَ نِصْفُهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ سِنِينَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ النِّصْفِ مُعْتَبَرٌ بِهَلَاكِ الْكُلِّ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي بَيَانِ مَا يَلْزَمُهُ فِيهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَفِي الْحَوْلِ الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَدَيْنُ الزَّكَاةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عِنْدَهُ، وَهُوَ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِي الْكُسُورِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ زَكَاةُ تِسْعِمِائَةٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا وَهَكَذَا فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا يَعْتَبِرُ فِي مَالِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَالْكُسُورُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يُعْتَبَرُ مِنْ مَالِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَتُعْتَبَرُ الْكُسُورُ؛ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ الزَّكَاةَ فِي الْكُسُورِ، وَلَا يَعْتَبِرَانِ بَعْدَ النِّصَابِ الْأَوَّلِ نِصَابًا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ عِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْأَصْلَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ

(قَالَ): رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ اسْتَفَادَ أَلْفًا أُخْرَى فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا ثُمَّ اسْتَفَادَ أَلْفًا أُخْرَى فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا ثُمَّ ضَاعَ نِصْفُهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّي فِي السَّنَةِ الْأُولَى نِصْفَ الْمَالِ الْأَوَّلِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ مِنْ نِصْفِ الْمَالِ الْأَوَّلِ وَنِصْفِ الْمَالِ الْآخَرِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ وَالْمَالِ الثَّانِي وَنِصْفِ الْمَالِ الْآخَرِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْأُولَى حَالَ عَلَيْهَا ثَلَاثُهُ أَحْوَالٍ ثُمَّ هَلَكَ نِصْفُهَا فَعَلَيْهِ فِيهَا لِلسَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةُ نِصْفِ الْأَلْفِ وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ إلَّا مِقْدَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>