مَا وَجَبَ فِيهَا لِلسَّنَةِ الْأُولَى فَإِنَّ ذَلِكَ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَذَلِكَ إلَّا مِقْدَارَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْحَوْلَيْنِ وَالْأَلْفُ الثَّانِيَةُ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلَانِ ثُمَّ هَلَكَ نِصْفهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ نِصْفَهَا وَلِلْحَوْلِ الثَّانِي كَذَلِكَ إلَّا مِقْدَارَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالْأَلْفُ الثَّالِثَةُ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ وَاحِدٌ ثُمَّ هَلَكَ نِصْفُهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ نِصْفَهَا؛ لِأَنَّ هَلَاكَ بَعْضِ الْمَالِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ مُعْتَبَرٌ بِهَلَاكِ الْكُلِّ.
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ أَخْرَجَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْهَا يُزَكِّيهَا فَتَصَدَّقَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ ضَاعَ عِشْرُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الْمَالِ، وَبَقِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَخْرَجَهَا لِلزَّكَاةِ فَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي زَكَّى عَنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَدَّى كَانَ فِي مِلْكِهِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا سِوَى الْأَلْفِ الَّتِي أَخْرَجَهَا لِلزَّكَاةِ فَإِذَا ضُمَّتْ هَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمُؤَدَّاةِ إلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا كَانَ الْكُلُّ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَإِنَّمَا قَصَدَ أَدَاءَ الزَّكَاةِ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَلِهَذَا تَتَوَزَّعُ تِلْكَ الْخَمْسُمِائَةِ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَمَا أَصَابَ عِشْرِينَ أَلْفًا الَّتِي هَلَكَتْ بَطَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بَعْضَ زَكَاتِهَا، وَهَلَكَ الْبَعْضُ وَمَا أَصَابَ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ يُحْتَسَبُ لَهُ مِنْ زَكَاتِهَا، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ مِنْ زَكَاتِهَا اعْتِبَارًا لِهَلَاكِ الْبَعْضِ بِهَلَاكِ الْكُلِّ.
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ ثُمَّ ضَاعَ نِصْفُهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّي خَمْسِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ النِّصَابَ الْأَوَّلَ يُجْعَلُ أَصْلًا وَيُجْعَلُ الْهَلَاكُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ الْأَوَّلِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَكَأَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ، فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلَا يَجِبُ فِيهَا إلَّا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ هَلَكَ رُبْعُهَا فَيَسْقُطُ عَنْهُ رُبْعُ الْوَاجِبِ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَجْمَعُ بَيْنَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ يُسْقِطُ نِصْفَ ذَلِكَ بِهَلَاكِ نِصْفِ الْمَالِ وَيَبْقَى النِّصْفُ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْمَالِ
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَا يَنْوِي بِهِ زَكَاتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ مِنْ زَكَاتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَا تَتَأَدَّى بِدُونِ النِّيَّةِ وَمُرَادُهُ إذَا تَصَدَّقَ بِمَالٍ آخَرَ سِوَى النِّصَابِ فَأَمَّا إذَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْهُ، وَقَدْ أَوْصَلَهُ إلَى مُسْتَحَقِّهِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِ النِّصَابِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ أَحَدِهِمَا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute