رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ أَعَمُّ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ فَكٌّ لِلْحَجْرِ وَلَا يُسْتَفَادُ بِالشَّيْءِ مَا هُوَ فَوْقَهُ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الْمُضَارِبُ مُفَوِّضٌ إلَيْهِ وُجُوهَ التِّجَارَةِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ مِنْ التِّجَارَةِ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ فَيُوَفِّيَ رَأْسَ الْمَالِ (أَلَا تَرَى) أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَوْ نَهَى الْمُضَارِبَ لَمْ يُعْتَبَرْ نَهْيُهُ وَنَفْسُهُ أَقْرَبُ إلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِذَا كَانَ لَا يَعْمَلُ نَهْيُهُ مِنْهُ فِي مَنْعِ الْمُضَارِبِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ فَلَأَنْ لَا يَعْمَلَ نَهْيُهُ فِي مَنْعِ الْمَأْذُونِ مِنْ جِهَتِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ كَانَ أَوْلَى.
وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَحَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ الْآخَرِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ هَذَا حَجْرٌ خَاصٌّ فِي إذْنٍ عَامٍّ وَهُوَ بَاطِلٌ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْإِذْنِ لَوْ قَالَ لَا تَأْذَنْ لِعَبْدِكَ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ نَهْيُهُ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْإِذْنِ لَوْ نَهَاهُ عَنْ بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ لَا يَعْمَلُ نَهْيُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَنَهَاهُ الْمَوْلَى كَانَ نَهْيُهُ بَاطِلًا فَكَذَلِكَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى حَجَرَ عَلَى الْعَبْدِ الْآخَرِ وَقَبَضَهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْأَوَّلِ دَيْنٌ فَهَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَوْلَى إيَّاهُ مِنْ الْأَوَّلِ بَاطِلٌ وَلَا يَخْرُجُ بِهِ الثَّانِي مِنْ أَنْ يَكُونَ كَسْبًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّ حَقَّ غُرَمَاءِ الْأَوَّلِ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ فَقَبَضَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْآخَرَ وَحَجَرَ عَلَيْهِ جَازَ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْأَوَّلِ خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى فَبِقَبْضِهِ مِنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَسْبًا لِلْأَوَّلِ وَصَارَ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ بَاعَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فَلِهَذَا صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِحَجْرِ الْمَوْلَى.
وَإِذَا دَفَعَ الْمَوْلَى إلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ مَالًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ عَبْدًا وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَفَعَلَ، ثُمَّ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى الْمُولَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَجْرٍ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي شِرَاءِ الثَّانِي، وَالْآذِنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ نَائِبٌ عَنْ الْمَوْلَى حَتَّى إذَا لَحِقَهُ عُهْدَةٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ غُرَمَائِهِ فَيَكُونُ الثَّانِي مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى فَلَا يَصِيرُ الثَّانِي مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِحَجْرِ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّل، وَأَنَّ حَجْرَ الْمَوْلَى عَلَى الْآخَرِ كَانَ حَجْرُهُ عَلَيْهِ جَائِزًا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى كَالْأَوَّلِ.
وَحَجْرُ الْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ عَلَى الصَّبِيِّ الْحُرِّ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِثْلُ الْحَجْرِ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى كَالْأَوَّلِ وَحَجْرُ الْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ عَلَى الصَّبِيِّ الْحُرِّ اسْتَفَادَ الْإِذْنَ مِنْ جِهَتِهِ وَوِلَايَتُهُ قَائِمَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ فَكَمَا مَلَكَ الْإِذْنَ بِوِلَايَتِهِ يَمْلِكُ الْحَجْرَ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْنَسُ مِنْهُ رُشْدًا فَيَأْذَنُ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute