للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجْرَ عَلَيْهِ أَنْفَعُ فَيَحْجُرُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهَذَا يَحْصُلُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ تَارَةً وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ تَارَةً حَتَّى تَتِمَّ هِدَايَتُهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَكَذَلِكَ حَجْرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ حَسَبِ مَا كَانَ لِلْأَبِ أَوْ لِلْوَصِيِّ وَكَذَلِكَ حَجْرُ هَؤُلَاءِ عَلَى عَبْدِ الصَّبِيِّ بَعْدَ مَا أَذِنُوا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ قَامُوا مَقَامَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ، وَالْحَجْرِ مِنْ بَابِ النَّظَرِ كَالْإِذْنِ فَكَمَا صَحَّ مِنْهُمْ الْإِذْنُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ يَصِحُّ الْحَجْرُ.

وَمَوْتُ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ حَجْرٌ عَلَى الصَّبِيِّ وَعَلَى عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ رَأْيِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ تَوَفُّرَ النَّظَرِ بِانْضِمَامِ رَأْيِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ إلَى رَأْيِ الصَّبِيِّ وَقَدْ انْقَطَعَ رَأْيُهُمَا بِمَوْتِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ حَجْرًا عَلَى الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الصَّبِيِّ إنَّمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ بِرَأْيِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ وَقِيَامِ وِلَايَتِهِمَا عَلَيْهِ وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِمَا وَكَذَلِكَ جُنُونُهُمَا جُنُونًا مُطْبِقًا فَإِنَّهُ كَالْمَوْتِ فِي قَطْعِ وِلَايَتِهِمَا عَنْهُ وَفَوَاتُ رَأْيِهِمَا فِي النَّظَرِ لَهُ وَكَذَلِكَ عَزْلُ الْقَاضِي الْوَصِيَّ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُزِيلُ وِلَايَتَهُ وَيَقْطَعُ تَدْبِيرَهُ فِي النَّظَرِ لَهُ فَيَكُونُ حَجْرًا عَلَى مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ بِاعْتِبَارِ رَأْيِهِ وَهُوَ الصَّبِيُّ أَوْ عَبْدُهُ.

وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَذِنَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ عَزَلَ الْقَاضِي كَانَ الصَّبِيُّ، وَالْمَعْتُوهُ عَلَى إذْنِهِمَا؛ لِأَنَّ إذْنَ الْقَاضِي يَكُونُ - قَضَاءً مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ غَيْرُ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَبِعَزْلِ الْقَاضِي لَا يَبْطُلُ شَيْءٌ مِنْ قَضَايَاهُ وَلِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي النَّظَرِ لِهَذَا الصَّبِيِّ، وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِالْإِذْنِ وَغَيْرِهِ لِعَجْزِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَبَعْدَ مَا عَزَلَ الْقَاضِي لَمْ يَتَبَدَّلْ حَالُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْوِلَايَةِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَنْعَزِلْ وَصِيُّهُ وَقَيِّمُهُ بِعَزْلِهِ فَكَذَلِكَ مَأْذُونُهُ.

وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ جَدٌّ أَبُو الْأَبِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَبَى ذَلِكَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِذْنُ الْقَاضِي لَهُ جَائِزٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ إذْنَهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ مِنْهُ وَوِلَايَةُ الْقَضَاءِ لَهُ فِي حَالِ قِيَامِ الْأَبِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَلِأَنَّهُ مَتَى كَانَ النَّظَرُ فِي الْإِذْنِ فَكَذَلِكَ بِمَا يَحِقُّ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَفِّذَهُ كَالْوَلِيِّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا مِنْ كُفُؤٍ زَوَّجَهَا الْقَاضِي إذَا طَلَبَتْ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا يُرِيدُ أَنْ يَفْسَخَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ وَلِأَنَّ حَجْرَهُ عَلَيْهِ كَإِبَائِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَمَا أَنَّ إبَاءَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ فَكَذَلِكَ حَجْرُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَبِمَوْتِهِ لَا تَزْدَادُ وِلَايَتُهُمْ عَلَى الصَّبِيِّ فَكَمَا لَا يَنْفُذُ حَجْرُهُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ عَزْلِ الْقَاضِي فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَاضِي بَعْدَ - عَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَزْلِ الْتَحَقَ بِسَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>