للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ قُتِلَ وَاسْتُوْفِيَتْ الْقِيمَةَ مِائَةُ

دِرْهَمٍ مِنْ قَاتِلِهِ أَوْ مَاتَ وَخَلَفَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ كَسْبِهِ.

فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقَسَّمُ هَذِهِ الْمِائَةَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمَوْلَى الدَّائِنِ أَثْلَاثًا بِطَرِيقِ الْعَوْلِ يَضْرِبُ الْأَجْنَبِيُّ فِيهِ بِمِائَةٍ، وَالْمَوْلَى الدَّائِنُ بِخَمْسِينَ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَرُبْعُهَا لِلْمَوْلَى الدَّائِنِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ نِصْفَ الْمِائَةِ نَصِيبُ الْمَوْلَى الدَّائِنِ وَدَيْنُهُ لَا يَثْبُتُ فِي نَفْسِهِ فَيُسَلَّمُ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيِّ خَاصَّةً وَنِصْفُهُ نَصِيبُ الَّذِي لَمْ يُدَنْ وَقَدْ اسْتَوْفَى فِيهِ حَقَّ الْأَجْنَبِيِّ وَحَقُّ الْمَوْلَى الدَّائِنِ مِنْ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ مِقْدَارُ خَمْسِينَ فَيُقَسَّمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ مَحَلُّ الدَّيْنِ هُوَ الذِّمَّةُ، وَإِنَّمَا الْمَالُ مَحَلُّ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا مَحَلَّ وُجُوبِ الدَّيْنِ وَجَمِيعُ دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَالثَّابِتُ مِنْ دَيْنِ الْمَوْلَى نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ مِلْكُهُ وَلَا يَسْتَوْجِبُ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ كَسْبِ الْعَبْدِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ كَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ مِائَةٌ لِرَجُلٍ وَدَيْنٌ خَمْسُونَ لِآخَرَ، وَالتَّرِكَةُ مِائَةٌ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَتَكُونُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَهَذَا مِثْلُهُ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِنَظَائِرِهَا وَأَضْدَادِهَا قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فَلِهَذَا اقْتَصَرْنَا عَلَى هَذَا الْحَرْفِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْبَابِ عَلَى هَذَا تَدُورُ، وَلَوْ أَدَانَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَنِصْفُ الْمِائَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَنِصْفُهَا لِلْمَوْلَيَيْنِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ نَصِيبَ الْأَكْبَرِ فَارِغٌ عَنْ دَيْنِهِ وَقَدْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَصْغَرُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ بِقَدْرِ خَمْسِينَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ نَصِيبُ الْأَصْغَرِ مِنْهُمَا فَارِغٌ عَنْ دَيْنِهِ، وَقَدْ اسْتَوَى فِيهِ حَقُّ الْأَكْبَرِ، وَالْأَجْنَبِيِّ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَبِالْقِسْمَتَيْنِ يُسَلَّمُ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الْمِائَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ رُبْعُ الْمِائَةِ.

فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ خَمْسُونَ وَدَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ ثَابِتٌ كُلُّهُ فَيَضْرِبُ الْأَجْنَبِيُّ بِمِائَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ بِخَمْسِينَ فَكَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الْمِائَةِ وَلِلْمَوْلَيَيْنِ نِصْفُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِذَا كَانَ رَجُلَانِ شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ عَنَانٍ وَبَيْنَهُمَا عَبْدٌ لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَأَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مِائَةً أَوْ بِيعَ بِمِائَةٍ فَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثَاهَا وَلِلشَّرِيكَيْنِ ثُلُثُهَا؛ لِأَنَّ إدَانَةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ كَإِدَانَتِهِمَا جَمِيعًا فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَدِينًا لَهُ بِقَدْرِ الْخَمْسِينَ، ثُمَّ نَصِيبُ الْأَكْبَرِ مِنْهُمَا فَارِغٌ عَنْهُ حَقُّهُ، وَقَدْ اجْتَمَعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>