للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصْفِ الْمُشْتَرَكِ بِالْكَامِلِ، وَإِنْ أَخَذَ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُضَارَبِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ رَبَّ الْمَالِ مِنْ زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاشِرَ غَاصِبٌ فِيمَا أَخَذَ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ غُصِبَ بَعْضُ مَالِهِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارَبِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أُخِذَ مِنْهُ الْمَالُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَلَكِنْ لَا رِبْحَ لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ لِأَنَّ مَا أَخَذَ الْعَاشِرُ تَاوٍ فَكَأَنَّهُ هَلَكَ بَعْضُ الْمَالِ مِنْ يَدِ الْمُضَارَبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُضَارَبُ هُوَ الَّذِي دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا لِرَبِّ الْمَالِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ خَائِنٌ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَى غَيْرِ مَنْ أَمَرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، أَوْ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَدَّى الزَّكَاةَ عَنْ الْمَالِ كُلِّهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنَصِيبِ الشَّرِيكِ فِيمَا أَدَّى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَائِبٌ عَنْ صَاحِبِهِ فِي التِّجَارَةِ وَاسْتِنْمَاءِ الْمَالِ لَا فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَكَانَ مُتَعَدِّيًا فِيمَا أَدَّى مِنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مِنْ زَكَاةِ الشَّرِيكِ لِانْعِدَامِ نِيَّتِهِ وَأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِصَاحِبِهِ نَصِيبَهُ فَيَتَعَاوَضَانِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتَطَوِّعًا فِيمَ أَدَّى الزَّكَاةَ عَلَى مَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْفَقِيرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَمَرَ صَاحِبَهُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا جَازَ الْمُؤَدَّى عَنْ زَكَاتِهَا، وَإِنْ أَدَّيَا جَمِيعًا مَعًا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَكُونُ مُؤَدِّيًا زَكَاةَ نَصِيبِهِ، وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ أَدَّيَا مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا أَوَّلًا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرَطَ عِنْدَ الْأَمْرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي عَنْهُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْمَأْمُورِ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ شَرِيكًا فِي الْمَالِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ أَدَّى الْآخَرُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا فَالثَّانِي ضَامِنٌ لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَعِنْدَهُمَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا سَوَاءٌ عَلِمَ بِأَدَائِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ بِأَدَائِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ هُنَاكَ

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَاسْتَسْعَى الْآخَرُ الْعَبْدَ فِي حِصَّتِهِ مِنْهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُسْتَسْعَى فِي بَعْضِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبٌ وَمَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَلَا زَكَاةَ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا الْمُسْتَسْعَى فِي بَعْضِ قِيمَتِهِ حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>