للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ): وَالْمَجْنُونُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ثُمَّ بَرِئَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِلْحَوْلِ الْمَاضِي سَوَاءٌ كَانَ مَجْنُونًا جُنُونًا أَصْلِيًّا، أَوْ جُنُونًا طَارِئًا، وَإِنْ أَفَاقَ فِي يَوْمٍ مِنْ الْحَوْلِ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ فِي آخِرِهِ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ قَالَ: وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَمَضَانَ يَعْنِي إذَا كَانَ مُفِيقًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ فِي آخِرِهِ فَعَلَيْهِ صَوْمُ جَمِيعِ الشَّهْرِ وَيَتَبَيَّنُ بِمَا ذَكَرَ هُنَا أَنَّ فِي الصَّوْمِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُنُونِ الْأَصْلِيِّ وَالْجُنُونِ الطَّارِئِ وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِيهِ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ، وَاَلَّذِي قَالَ هُنَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَكْثَرُ الْحَوْلِ، وَقَالَ: إنْ كَانَ مُفِيقًا فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ هُوَ إنْ كَانَ مَجْنُونًا فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَقَاسَ الْأَهْلِيَّةَ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَحَلِّيَّةِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَهِيَ السَّائِمَةُ فَإِنَّ صَاحِبَ السَّائِمَةِ إذَا كَانَ يَعْلِفُهَا بَعْضَ الْحَوْلِ اُعْتُبِرَ نَافِيهِ أَكْثَرَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا كَانَ صَحِيحًا فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ لَا تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحَوْلَ لِلزَّكَاةِ كَالشَّهْرِ لِلصَّوْمِ ثُمَّ لَوْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الشَّهْرِ مُفِيقًا يَلْزَمُهُ صَوْمُ جَمِيعِ الشَّهْرِ فَكَذَلِكَ إذَا أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْحَوْلِ مُفِيقًا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْمُسْتَفَادُ فَإِنَّ وُجُودَ الْمُسْتَفَادِ فِي مِلْكِهِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْحَوْلِ، وَإِنْ قَلَّ كَوُجُودِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْإِفَاقَةِ

(قَالَ): وَالْأَجِيرُ وَالْمُضَارَبُ وَصَاحِبُ الْبِضَاعَةِ وَالْمُسْتَوْدَعُ وَالْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ لَا يُعْتَبَرُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ أَمَّا الْأَجِيرُ وَصَاحِبُ الْبِضَاعَةِ وَالْمُسْتَوْدَعِ؛ فَلِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمَالِ، وَالْعَاشِرُ إنَّمَا يَأْخُذُ الزَّكَاةَ، ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِنِيَّةِ صَاحِبِ الْمَالِ وَأَدَائِهِ أَوْ أَمْرِهِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَأَمَّا الْمُضَارَبُ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ يَأْخُذُ الْعَاشِرُ مِنْهُ الزَّكَاةَ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يَأْخُذُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا أَعْلَمُهُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ الْآخَرِ يُوجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْعَبْدُ أَيْضًا، وَهُنَا نَصٌّ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمُضَارَبِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ رُجُوعُهُ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا شَكَّ؛ لِأَنَّ الْعَاشِرَ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لِكَسْبِهِ فَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ وَالْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ مَا بَقِيَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ مَعَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَأَمَّا الْمُتَفَاوِضَانِ وَالشَّرِيكَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُزَكِّيَ نِصْفَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>