للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حَالَةِ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ لَا يَقْضِي بِذَلِكَ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ، وَفِيمَا لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونُ وَالْمَحْجُورُ سَوَاءٌ، وَلَا قَوْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْخَصْمُ فِي إثْبَاتِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ فَبِدُونِ حَضْرَةِ الْمَوْلَى لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ، وَبَعْدَ حُضُورِهِ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَإِنَّهُ مِمَّا يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يُقْطَعُ، وَلَكِنْ يَضْمَنُ السَّرِقَةَ؛ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ يَدَّعِي الْمَالَ، وَلَكِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْعُقُوبَةِ عِنْدَ الْقَاضِي اسْتَوْفَى الْعُقُوبَةَ فِي حَالِ غَيْبَةِ الْمَوْلَى، وَلَا يَثْبُتُ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَتَبْقَى دَعْوَى الْمَالِ، وَالْعَبْدُ خَصْمٌ فِيمَا يُدَّعَى قِبَلَهُ مِنْ الْمَالِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِسَبَبِ الْغَصْبِ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِسَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ ضَمِنَ السَّرِقَةَ؛ لِأَنَّ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ الْأَخْذُ بِجِهَةِ السَّرِقَةِ كَالْأَخْذِ بِجِهَةِ الْغَصْبِ.

وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ مَأْذُونٍ لَهُمَا بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمِ أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ وَلِيُّهُ غَائِبًا؛ لِأَنَّ جِهَةَ السَّرِقَةِ كَجِهَةِ الْغَصْبِ فِي حَقِّهِمَا إذْ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمَا بِسَبَبِ السَّرِقَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَأْذُونَ خَصْمٌ فِيمَا يُتَّهَمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ وَلِيُّهُ غَائِبًا، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ حَضَرَ مَوْلَاهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَامِلٌ فِي حَقِّ الْعُقُوبَةِ، فَإِذَا كَانَ هُوَ جَاحِدًا وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى مَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْمَالِ.

وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ بِسَرِقَةِ عَشَرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ دَعْوَى السَّرِقَةِ عَلَيْهِ كَدَعْوَى الْغَصْبِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمَحْجُورِ مِنْ الْغَصْبِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَدَّعِي قِبَلَهُ مِنْ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْعُقُوبَةِ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا قُطِعَتْ يَدُهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْعُقُوبَةِ ظَهَرَ بِشَهَادَتِهِ، وَهُوَ مُخَاطَبٌ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَجْحَدُ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْمَالِ بَاطِلٌ حَتَّى يَعْتِقَ، وَفِي حَقِّ الْقَطْعِ الْإِقْرَارُ يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ بِسَرِقَةِ مَالٍ مُسْتَهْلَكٍ أَوْ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيَّنَهُ أَصْحَابُنَا فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ.

قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَهُوَ جَائِزٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ بِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ، فَيُرَاعَى حَالُهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ الْمَوْلَى إنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>