للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخِلَافَةِ كَمَا يَتَمَلَّكُ الْوَارِثُ مَالَ مُوَرِّثِهِ، وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ بِالْمِيرَاثِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَيْتَةً أَوْ دَمًا أَوْ بَايَعَ كَافِرًا بِرِبًا فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ انْفِكَاكَ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالْإِذْنِ كَانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالْعِتْقِ، وَتَصَرُّفُ الْحُرِّ الْكَافِرِ فِي الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ بَاطِلٌ وَهُوَ فِي جَمِيعِ بِيَاعَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ إلَّا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ وَمَوْلَاهُ يُنْكِرَانِ ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ الصَّغِيرِ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَضَرَّرُ بِهَا فَإِنَّ الْكَسْبَ، وَمَالِيَّةَ الرَّقَبَةِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ عَلَى الْمَوْلَى بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالْمَوْلَى مُسْلِمٌ، وَشَهَادَةُ الْكَافِرِ فِيمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُسْلِمُ لَا تَكُونُ حُجَّةً.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَوْلَى فَكَّ الْحَجْرَ عَنْهُ بِالْإِذْنِ، فَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي إقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالْعِتْقِ وَالْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ صَارَ رَاضِيًا بِالْتِزَامِ هَذَا الضَّرَرِ حِينَ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ حُجَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى يَتَضَرَّرُ لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْهُ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْكَافِرُ يَأْذَنُ لَهُ وَصِيُّهُ الْمُسْلِمُ أَوْ جَدُّهُ أَبُ أَبِيهِ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ انْفِكَاكَ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالْإِذْنِ كَانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالْبُلُوغِ فَشَهَادَةُ الْكَافِرِ تَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مُسْلِمًا، وَمَوْلَاهُ كَافِرًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْكَافِرَيْنِ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْخَصْمُ فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ جَاحِدٌ لِذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَهِدَ الْكَافِرَانِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ الْكَافِرِ بِغَصْبٍ، وَمَوْلَاهُ مُسْلِمٌ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْخَصْمَ فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ مَوْلَاهُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ فَإِذَا كَانَ الْمَوْلَى مُسْلِمًا لَمْ تَكُنْ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ حُجَّةً عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ كَافِرًا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ.

قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ بِقَتْلٍ عَمْدًا أَوْ بِشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ بِقَذْفٍ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْكُفَّارِ بِالزِّنَا وَهُوَ وَمَوْلَاهُ مُنْكِرَانِ لِذَلِكَ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ هَاهُنَا الْمَوْلَى.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَوْلَى أَمَّا فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ فَغَيْرِ مُشْكِلٍ، وَفِي الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمَوْلَى يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الرِّضَا بِالْتِزَامِ هَذَا الضَّرَرِ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَمَوْلَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>