وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِيعَ الْعَبْدُ وَاقْتَسَمَا ثَمَنَهُ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى خَصْمِهِ فَاسْتَوَى الدَّيْنَانِ فِي الْقُوَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الْغُرَمَاءُ ثَلَاثَةً كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَحَدُهُمْ مُسْلِمٌ شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ، وَالثَّانِي مُسْلِمٌ شَهِدَ لَهُ مُسْلِمَانِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَيُبَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ كُلَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ يُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ، وَالْكَافِرِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْعَبْد، وَعَلَى الْخَصْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَأَمَّا الثَّالِثُ الَّذِي شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ فَقَدْ أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمُسْلِم الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُزَاحَمَةُ مَعَهُ فِي ثَمَنِهِ.
وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ الْمُزَاحَمَةُ صَارَ كَالْمَعْدُومِ وَاسْتَوَى دَيْنُ الْآخَرَيْنِ فِي الْقُوَّةِ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ سُلِّمَ لِلْمُسْلِمِ نِصْفُهُ، وَالنِّصْفُ الَّذِي صَارَ لِلْكَافِرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى هَذَا الْكَافِر، وَإِنَّمَا كَانَ مَحْجُورًا لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، وَلَمْ يَبْقَ فِي هَذَا النِّصْفِ لِلْمُسْلِمِ حَقٌّ، وَبَيْنَهُمَا مُسَاوَاةٌ فِي قُوَّةِ دَيْنٍ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَيُقَسَّمُ هَذَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ لَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا إذَا أَخَذَ ذَلِكَ أَتَاهُ الْكَافِرُ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ فَاسْتَرَدَّ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي الثَّمَنِ فَلِهَذَا لَا يَشْغَلُ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ مُسْلِمًا شَهِدَ كَافِرَانِ، وَالْآخَرَانِ كَافِرَانِ شَهِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَافِرَانِ بُدِئَ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَبَتَ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى خَصْمِهِ، وَدَيْنُهُمَا ثَبَتَ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ دَيْنِهِ كَانَ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي ثُبُوتِ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَالْمَوْلَى كَافِرًا وَالْغُرَمَاءُ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ وَالْآخَرُ كَافِرٌ شَهِدَ لَهُ مُسْلِمَانِ، وَالْعَبْدُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُسْلِمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ الْآخَرُ فِي دَيْنِهِ، فَيُوَفِّيهِ حَقَّهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إنَّمَا أَقَامَ شُهُودًا كُفَّارًا عَلَى دَيْنِهِ، وَشَهَادَةُ الْكُفَّارِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ دَيْنُهُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ دَيْنُهُ عَلَى الْعَبْدِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْمُسْلِمِ أَنْ يُزَاحِمَ الْغَرِيمَ الْكَافِرَ فِيمَا يَأْخُذُهُ، وَلَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا مِمَّا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَهُنَاكَ الدُّيُونُ كُلُّهَا تَثْبُتُ عَلَى الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدَّيْنِ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَمَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَصْلُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ كَافِرًا مَحْجُورًا، وَمَوْلَاهُ مُسْلِمًا وَالْغُرَمَاءُ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمْ مُسْلِمٌ شَهِدَ لَهُ كَافِرَانِ وَالْآخَرُ كَافِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute