للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهِدَ لَهُ مُسْلِمَانِ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَيْنِ الْكَافِرِ، وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ حَتَّى يَعْتِقَ؛ لِأَنَّ مَوْلَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنْ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ عَلَى الْعَبْدِ الْكَافِرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْغَضَبِ لَا تَكُونُ حُجَّةً فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَمَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِالْعِتْقِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ، وَلَكِنْ إذَا أَخَذَ الْكَافِرُ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَارَكَهُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ دَيْنِ الْمُسْلِمِ ثَابِتٌ عَلَى الْعَبْدِ بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ هَاهُنَا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَقَدْ سَقَطَ حَقُّ الْمَوْلَى عَمَّا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ حَقُّ الْكَافِرِ وَدَيْنُ الْمُسْلِمِ ثَابِتٌ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ، وَعَلَى الْعَبْدِ كَدَيْنِ الْكَافِرِ، وَلِهَذَا شَارَكَهُ فِيمَا أَخَذَهُ

وَإِذَا أَذِنَ الْمُسْلِمُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ كَافِرَانِ بِدَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِمُسْلِمِ أَوْ كَافِرٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ غَصْبٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَبَاعَ الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا الْغَرِيمَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْعَبْدِ دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْخُذُ الْأَلْفَ مِنْ الْغَرِيمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ، فَيَدْفَعُهَا إلَى هَذَا الْغَرِيمِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي كَافِرًا أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَيْعِ، فَيَلْتَحِقُ بِالدَّيْنِ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْمُسْلِمَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ، وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.

قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَافِرًا وَشَاهِدَاهُ مُسْلِمَيْنِ وَالثَّانِي مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَشَاهِدَاهُ كَافِرَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَوَّلِ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الثَّانِي ثَبَتَ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ وَدَيْنُ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ فَلِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّةِ يُجْعَلُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ هَلَكَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَسْلَمَ وَارِثُهُ، وَأَقَامَ كَافِرٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَضَى لَهُ الْقَاضِي ثُمَّ إنَّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَقَامَ عَلَى الْمَيِّتِ شَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ بِدَيْنِ أَلْفٍ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَوَّلِ نِصْفَ مَا أَخَذَ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا وَاسْتِحْقَاقُ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِدَيْنِهِ كَاسْتِحْقَاقِ كَسْبِ الْعَبْدِ وَثَمَنِ رَقَبَتِهِ بِدَيْنِهِ.

قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى ثُمَّ أَسْلَمَ فَادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلَانِ دَيْنًا فَجَاءَ أَحَدُهُمَا بِشَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنًا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ كُفْرِهِ، وَجَاءَ الْآخَرُ بِشَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَالْمُدَّعِيَانِ مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ وَالْمَوْلَى مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ فَشَهَادَةُ الْمُسْلِمَيْنِ جَائِزَةٌ، وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ الْكَافِرَانِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُسْلِمٌ حِينَ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ، وَشَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ أَوْ أَرَّخَ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ عَلَى إسْلَامِهِ.

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَمَوْلَاهُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْعَبْدُ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ مُسْلِمَانِ لِكَافِرٍ أَوْ لِمُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>